الباحث القرآني

ثُمَّ جاءَتْ قِصَّةُ المُعْتَدِينَ في السَّبْتِ مُؤَكِّدَةً لِذَلِكَ إذْ كانَ حاصِلُها أنَّهم لَمّا ضَيَّعُوا أمْرًا واحِدًا مِن أوامِرِهِ واسْتَخَفُّوا بِهِ وهو تَحْرِيمُ السَّبْتِ عَذَّبَهم بِعَذابٍ لَمْ يُعَذِّبْ بِهِ أحَدًا مِنَ العالَمِينَ فَقالَ: ولَقَدْ وأقْرَبُ مِن ذَلِكَ أنْ يُقالَ إنَّهُ سُبْحانَهُ لَمّا ذَكَّرَهم بِنِعْمَةِ العَفْوِ الحافِظِ لَهم مِنَ الخُسْرانِ قَرَّعَهم بِحَلافَةٍ أُخْرى لَهم خَذَلَ بِها فَرِيقًا مِنهم حَتّى غَلَبَهُمُ الخُسْرانُ فَما ضَرُّوا إلّا أنْفُسَهم مُقْسِمًا عَلى أنَّهم بِها عالِمُونَ ولَها مُسْتَحْضِرُونَ فَقالَ تَعالى عاطِفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: لَقَدْ عَلِمْتُمْ جَمِيعَ ذَلِكَ مِن عُهُودِنا وما ذَكَرْنا مِنَ الإيقاعِ بِمَن نَقَضَ مِن شَدِيدِ وعِيدِنا ومِنَ التَّهْدِيدِ عَلى ذَلِكَ بِضَرْبِ الذِّلَّةِ وما تَبِعَها مِن أنْواعِ النَّكالِ ﴿ولَقَدْ﴾ أيْ وعِزَّتِي لَقَدْ ﴿عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا﴾ أيْ تَعَمَّدُوا العُدْوانَ ﴿مِنكم في السَّبْتِ﴾ بِأنِ اسْتَحَلُّوهُ وأصْلُ السَّبْتِ القَطْعُ لِلْعَمَلِ ونَحْوِهِ ﴿فَقُلْنا﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنِ اعْتِدائِهِمْ أنْ قُلْنا بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ. (p-٤٦٥)﴿لَهم كُونُوا﴾ بِإرادَتِنا ﴿قِرَدَةً خاسِئِينَ﴾ أيْ صاغِرِينَ مَطْرُودِينَ، جَمْعُ خاسِئٍ مِنَ الخَسْءِ وهو طَرْدٌ بِكُرْهٍ واسْتِخْباثٍ، وسَبَبُ ذَلِكَ أنَّ اللَّهَ تَعالى أمَرَهم بِيَوْمِ الجُمْعَةِ فَأبَوْا إلّا السَّبْتَ، فَألْزَمَهُمُ اللَّهُ إيّاهُ وجَعَلَهُ لَهم مِحْنَةً وحَرَّمَ عَلَيْهِمْ فِيهِ العَمَلَ، فاصْطادُوا عَلى تَهَيُّبٍ وخَوْفٍ مِنَ العُقُوبَةِ، فَلَمّا طالَ زَمَنُ عَفْوِهِ عَنْهم وحَمْلِهِ سُبْحانَهُ فَتَجاهَرُوا بِالمَعْصِيَةِ مَسَخَ مِنهم مَن عَصى بِالمُباشَرَةِ ومَن سَكَتَ عَنِ النَّهْيِ عَنِ المُنْكَرِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب