الباحث القرآني

(p-٤٦٠)ثُمَّ ذَكَرَ أنَّهُ لَمّا أقْلَعَ عَنْهم تَوَلَّوْا عَنِ الحَضْرَةِ الشَّرِيفَةِ إلى حَضَراتِ الشَّيْطانِ فَأكْرَمُوا المَعاصِيَ إشارَةً إلى أنَّهم أغْلَظُ النّاسِ أكْبادًا وأكْثَرُهم جَرْأةً وعِنادًا لا يَرْعَوُونَ لِرَهْبَةٍ ولا يَثْبُتُونَ لِرَغْبَةٍ فَقالَ تَعالى ﴿وإذْ﴾ وأخْصَرُ مِن هَذا أنْ يُقالَ إنَّهُ لَمّا قَرَّرَ سُبْحانَهُ قَوْلَهُ لِلْعالِمِ العامِلِ المُذْعِنِ كائِنًا مَن كانَ تَلاهُ بِما لِلْيَهُودِ مِنَ الجَلافَةِ الدّاعِيَةِ إلى النُّفُورِ عَنْ خِلالِ السَّعادَةِ الَّتِي هي ثَمَرَةٌ لِلْعِلْمِ وما لَهُ سُبْحانَهُ مِنَ التَّطَوُّلِ عَلَيْهِمْ بِإكْراهِهِمْ عَلى رَدِّهِمْ إلَيْهِ فَقالَ وإذْ أيِ اذْكُرُوا يا بَنِي إسْرائِيلَ إذْ ﴿أخَذْنا﴾ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿مِيثاقَكُمْ﴾ بِالسَّمْعِ والطّاعَةِ مِنَ الوَثِيقَةِ وهي تَثْنِيَةُ العَهْدِ تَأْكِيدًا كَإثْباتِهِ بِالكِتابِ - قالَهُ الحَرالِّيُّ. ﴿ورَفَعْنا﴾ ولَمّا كانَ الجَبَلُ قَدْ صارَ فَوْقَهم كالظُّلَّةِ عامًّا لَهم بِحَيْثُ إنَّهُ إذا وقَعَ عَلَيْهِمْ لَمْ يُفْلِتْ مِنهم إنْسانٌ نَزَعَ الجارَّ فَقالَ ﴿فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ (p-٤٦١)تَرْهِيبًا لَكم لِتَقْبَلُوا المِيثاقَ الَّذِي هو سَبَبُ سَعادَتِكم، وعَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّهُ كُلُّ جَبَلٍ يَنْبُتُ، وكُلُّ جَبَلٍ لا يَنْبُتُ فَلَيْسَ بِطُورٍ، وقُلْنا لَكم وهو مُظِلٌّ فَوْقَكم ﴿خُذُوا ما آتَيْناكُمْ﴾ مِنَ الكِتابِ لِلسَّعادَةِ بِطاعَتِي والتِزامِ أحْكامِي المُوجِبَةِ لِلْكَوْنِ في حَضْرَتِي ”بِقُوَّةٍ“ أيْ بِجِدٍّ واجْتِهادٍ، والقُوَّةُ باطِنُ القُدْرَةِ، مِنَ القُوى وهي طاقاتُ الحَبْلِ الَّتِي يَمْتَنُّ بِها ويُؤْمَنُ انْقِطاعُهُ - قالَهُ الحَرالِّيُّ. ﴿واذْكُرُوا ما فِيهِ﴾ مِنَ التَّمَسُّكِ بِهِ ولِلِانْتِقالِ عَنْهُ عِنْدَ مَجِيءِ النّاسِخِ المَنعُوتِ فِيهِ ذِكْرًا يَكُونُ بِالقَلْبِ فِكْرًا وبِاللِّسانِ ذِكْرًا ﴿لَعَلَّكم (p-٤٦٢)تَتَّقُونَ﴾ أيْ لِتَكُونُوا عَلى رَجاءٍ مِن أنْ تَتَّقُوا مُوجِباتِ السُّخْطِ. ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: فَأخَذْتُمْ ذَلِكَ وأوْثَقْتُمُ العَهْدَ بِهِ خَوْفًا مِن أنْ يَدْفِنَكم بِالجَبَلِ عَطَفَ عَلَيْهِ وأشارَ إلى أنَّهُ مِن حَقِّهِ البُعْدُ عَنْ تَرْكِهِ بِأداةِ البُعْدِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب