الباحث القرآني
ولَمّا اسْتُتِيبُوا عَنْ عِبادَةِ العِجْلِ الَّتِي تَقَيَّدُوا فِيها بِالمَحْسُوسِ الَّذِي هو مَثَلٌ في الغَباوَةِ طَلَبُوا رُؤْيَةَ بارِئِهِمْ بِالحِسِّ عَلى ما لَهُ مِن صِفاتِ الكَمالِ الَّتِي تَأْبى الِابْتِذالَ ناسِينَ لِجَمِيعِ النِّعَمِ والنِّقَمِ مُسْرِعِينَ في الكُفْرِ الَّذِي هو مِن شَأْنِ الحائِرِ والحالُ أنَّ الفُرْقانَ الَّذِي لا يَدَعُ شُبْهَةً ولا يُبْقِي حَيْرَةً قائِمٌ بَيْنَ أيْدِيهِمْ، لِأنَّهم مِنَ الجُمُودِ والوُقُوفِ مَعَ الوَهْمِ والحِسِّ بِمَكانٍ عَظِيمٍ، فَذَكَّرَهم سُبْحانَهُ ذَلِكَ مُسَلِّيًا لِلنَّبِيِّ ﷺ في إبائِهِمْ لِلْإيمانِ بِهِ بِما فَعَلُوا مَعَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ وهو أحَدُهم (p-٣٧٨)فَقالَ: ﴿وإذْ قُلْتُمْ﴾ أيْ بَعْدَما رَأيْتُمْ مِنَ الآياتِ وشاهَدْتُمْ مِنَ الأُمُورِ البَيِّناتِ ﴿يا مُوسى﴾ فَدَعَوْتُمُوهُ بِاسْمِهِ جَفاءً وغِلْظَةً كَما يَدْعُو بَعْضُكم بَعْضًا ولَمْ تَخُصُّوهُ بِما يَدُلُّ عَلى تَعْظِيمِهِ لِما رَأيْتُمْ مِن إكْرامِ اللَّهِ لَهُ وإكْرامِكم عَلى يَدِهِ ﴿لَنْ﴾ وهي كَلِمَةٌ تُفْهِمُ نَفْيَ مَعْنًى باطِنٍ كَأنَّها ”لا أنْ“ يُسِّرَ بِالتَّخْفِيفِ لَفْظُها - قالَهُ الحَرالِّيُّ.
﴿نُؤْمِنَ لَكَ﴾ أيْ لِأجْلِ قَوْلِكَ. قالَ (p-٣٧٩)الحَرالِّيُّ: وجاءَ بِاللّامِ لِأنَّهم قَدْ كانُوا آمَنُوا بِهِ فَتَوَقَّفُوا عَنِ الإيمانِ لَهُ الَّذِي يَتَعَلَّقُ بِأُمُورٍ مِن تَفاصِيلِ ما يَأْتِيهِمْ بِهِ، فَمَن آمَنَ لِأحَدٍ فَقَدْ آمَنَ بِأُمُورٍ لِأجْلِهِ، ومَن آمَنَ بِهِ فَقَدْ قَبِلَ أصْلَ رِسالَتِهِ ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ويُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [التوبة: ٦١]؛ ”حَتّى“ كَلِمَةٌ تُفْهِمُ غايَةً مَحُوطَةً يَدْخُلُ ما بَعْدَها في حُكْمِ ما قَبْلَها مُقابِلَ مَعْنى لِكَيْ ﴿نَرى﴾ مِنَ الرُّؤْيَةِ وهي اطِّلاعٌ عَلى باطِنِ الشَّيْءِ الَّذِي أُظْهِرَ مِنهُ مُبْصِرُهُ الَّذِي أظْهَرَهُ مِنهُ مَنظَرُهُ، ومِنهُ يُقالُ في مَطْلَعِ المَنامِ: رُؤْيا، لِأنَّ ذَواتِ المَرْئِيِّ في المَنامِ هي أمْثالُ باطِنِهِ في صُورَةِ المَنظُورِ إلَيْهِ في اليَقَظَةِ. انْتَهى.
﴿اللَّهَ﴾ أيْ مَعَ ما لَهُ مِنَ العَظَمَةِ ﴿جَهْرَةً﴾ أيْ عِيانًا مِن غَيْرِ خَفاءٍ ولا نَوْعِ لَبْسٍ. قالَ الحَرالِّيُّ: مِنَ الجَهْرِ وهو الإعْلانُ بِالشَّيْءِ إلى حَدِّ الشُّهْرَةِ (p-٣٨٠)وبَلاغُهُ لِمَن لا يُقْصَدُ في مُقابَلَةِ السِّرِّ المُخْتَصِّ بِمَن يُقْصَدُ بِهِ، وهَذا المَطْلُوبُ مِمّا لا يَلِيقُ بِالجَهْرِ لِتَحْقِيقِ اخْتِصاصِهِ بِمَن يُكْشَفُ لَهُ الحِجابُ مِن خاصَّةِ مَن يَحُوزُهُ القُرْبُ مِن خاصَّةِ مَن يُقْبِلُ عَلَيْهِ النِّداءُ مِن خاصَّةِ مَن يَقَعُ عَنْهُ الإعْراضُ، فَكَيْفَ أنْ يُطْلَبَ ذَلِكَ جَهْرًا حَتّى يَنالَهُ مَن هو في مَحَلِّ البُعْدِ والطَّرْدِ ! وفِيهِ شَهادَةٌ بِتَبَلُّدِهِمْ عَنْ مَوْقِعِ الرُّؤْيَةِ، فَإنَّ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ قالَ
﴿رَبِّ أرِنِي﴾ [الأعراف: ١٤٣] وقالَ تَعالى ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٢] ﴿إلى رَبِّها ناظِرَةٌ﴾ [القيامة: ٢٣] وقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «إنَّكم تَرَوْنَ رَبَّكم» فالِاسْمُ المَذْكُورُ لِمَعْنى الرُّؤْيَةِ إنَّما هو الرَّبُّ لِما في اسْمِ اللَّهِ تَعالى مِنَ الغَيْبِ الَّذِي لا يُذْكَرُ لِأجْلِهِ إلّا مَعَ ما هو فَوْتٌ لا مَعَ ما هو في المَعْنى نَيْلٌ، وذَلِكَ لِسِرٍّ مِن أسْرارِ (p-٣٨١)العِلْمِ بِمَواقِعِ مَعانِي الأسْماءِ الحُسْنى فِيما يُناسِبُها مِن ضُرُوبِ الخِطابِ والأحْوالِ والأعْمالِ، وهو مِن أشْرَفِ العِلْمِ الَّذِي يُفْهَمُ بِهِ خِطابُ القُرْآنِ حَتّى يُضافَ لِكُلِّ اسْمٍ ما هو أعْلَقُ في مَعْناهُ وأوْلى بِهِ وإنْ كانَتِ الأسْماءُ كُلُّها تَرْجِعُ مَعانِي بَعْضِها لِبَعْضٍ،
﴿فَأخَذَتْكُمُ﴾ مِنَ الأخْذِ وهو تَناوُلُ الشَّيْءِ بِجُمْلَتِهِ بِنَوْعِ بَطْشٍ وقُوَّةٍ. انْتَهى. أيْ لِقَوْلِكم هَذا لِما فِيهِ مِنَ الفَظاعَةِ وانْتِهاكِ الحُرْمَةِ،
﴿الصّاعِقَةُ﴾ قِيلَ: هي صَيْحَةٌ، وقِيلَ: نارٌ نَزَلَتْ مِنَ السَّماءِ فَأحْرَقَتْهم، ويُؤَيِّدُهُ قَوْلُهُ: ﴿وأنْتُمْ تَنْظُرُونَ﴾ أيْ تِلْكَ (p-٣٨٢)الصّاعِقَةَ فَأماتَتْكم، لِأنَّكم كُنْتُمْ في طَلَبِكم رُؤْيَتَهُ عَلى ضَرْبٍ مِن حالِ عَبَدَةِ العِجْلِ، فَأماتَكم كَما أماتَهم بِالقَتْلِ.
{"ayah":"وَإِذۡ قُلۡتُمۡ یَـٰمُوسَىٰ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةࣰ فَأَخَذَتۡكُمُ ٱلصَّـٰعِقَةُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق