الباحث القرآني

(p-٣٦٩)ولَمّا كانَ في ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلى سُوءِ طِباعِهِمْ وعَكْسِ مِزاجِهِمْ وأنَّهم لا يَحْفَظُونَ عَهْدًا ولا يَسْتَقِيمُونَ عَلى نَهْجٍ ذَكَّرَهم بِنِعْمَةِ الكِتابِ الَّذِي مِن شَأْنِهِ الضَّبْطُ في جَمِيعِ الأحْوالِ بِالرُّجُوعِ إلَيْهِ عِنْدَ الضَّلالِ فَقالَ: وقالَ الحَرالِّيُّ: لَمّا ذَكَرَ تَعالى أمْرَ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ وهو خاصُّ أمْرِهِمْ فَصَّلَ لَهم أمْرَ ما جاءَ بِهِ مُوسى وما كانَ مِنهم فِيما جاءَ بِهِ. انْتَهى. فَقالَ ﴿وإذْ آتَيْنا﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿مُوسى الكِتابَ﴾ أيِ الكامِلَ في نَفْسِهِ الجامِعَ لَكم عَلى طَرِيقِ الحَقِّ. ولَمّا كانَ الكِتابُ مَعَ كَوْنِهِ جامِعًا لِما أُرِيدَ مِنهُ فارِقًا بَيْنَ المُلْبِساتِ وصَفَهُ بُقَوْلِهِ ﴿والفُرْقانَ﴾ أيِ المُبَيِّنَ لِلْأشْياءِ عَلى ما هي عَلَيْهِ مِن غَيْرِ أنْ يَدَعَ في شَيْءٍ لَبْسًا. قالَ الحَرالِّيُّ: فَقَرَّرَهم عَلى أمْرَيْنِ مِنَ الكِتابِ الَّذِي فِيهِ أحْكامُ الأعْمالِ والفُرْقانِ الَّذِي فِيهِ أمْرُ العِلْمِ وهُما مِلاكُ حالِ إقامَةِ الدِّينِ بِالعِلْمِ والعَمَلِ؛ والفُرْقانُ: فُعْلانٌ (p-٣٧٠)لَفْظُ مُبالَغَةٍ يُفْهِمُ اسْتِغْراقًا وامْتِلاءً وعِظَمًا فِيما اسْتُعْمِلَ فِيهِ وهو في هَذا اللَّفْظِ مِنَ الفَرْقِ وهو إظْهارُ ما ألْبَسَتْهُ الحِكْمَةُ الظّاهِرَةُ لِلْأعْيُنِ بِالتِّبْيانِ لِفُرْقانِ لَبْسِهِ بِما تَسْمَعُهُ الأُذُنُ، وجاءَ فِيهِ بِكَلِمَةِ لَعَلَّ؛ إشْعارًا بِالإبْهامِ في أمْرِهِمْ وتَفْرِقَتِهِمْ بَيْنَ مُثْبِتٍ لِحُكْمِ الكِتابِ عامِلٍ بِهِ عالِمٍ بِطَيَّةِ الفُرْقانِ خَبِيرٍ بِهِ وبَيْنَ تارِكٍ لِحُكْمِ الكِتابِ غافِلٍ عَنْ عِلْمِ الفُرْقانِ. انْتَهى. فَقالَ تَعالى: ﴿لَعَلَّكم تَهْتَدُونَ﴾ أيْ لِيَكُونَ حالُكم حالَ مَن تُرْجى هِدايَتُهُ فَيَغْلِبُ حِلْمُهُ جَهْلَهُ وعَقْلُهُ شَهْوَتَهُ، ولِهَذا الخَتْمِ تَلاهُ بِما هَداهم بِهِ بِما ألْزَمَهم مِنَ (p-٣٧١)النِّقْمَةِ الزّاجِرَةِ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ مِن قَتْلِ الأنْفُسِ فَقالَ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب