الباحث القرآني

ولَمّا أخْبَرَ عَنْ أفْعالِهِمُ الظّاهِرَةِ والباطِنَةِ؛ أخْبَرَ بِثَمَرَتِها فَقالَ: ﴿أُولَئِكَ﴾ أيِ المَوْصُوفُونَ بِتِلْكَ الصِّفاتِ الظّاهِراتِ، ولِما تَضَمَّنَ ما مَضى أنَّ إيمانَهم كانَ عَنْ أعْظَمِ اسْتِدْلالٍ، فَأثْمَرَ لَهُمُ التَّمَسُّكَ بِأوْثَقِ العُرى مِنَ الأعْمالِ؛ اسْتَحَقُّوا الوَصْفَ بِالِاسْتِعْلاءِ الَّذِي مَعْناهُ التَّمَكُّنُ فَقالَ: ﴿عَلى (p-٩٠)هُدًى﴾ أيْ: عَظِيمٍ، وزادَ في تَعْظِيمِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿مِن رَبِّهِمْ﴾ أيِ المُحْسِنِ إلَيْهِمْ بِتَمْكِينِهِمْ مِنهُ ولُزُومِهِمْ لَهُ تَمْكِينَ مَن عَلا عَلى الشَّيْءِ، ولَمّا لَمْ يُلازِمِ الهُدى الفَلاحَ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ مُشِيرًا بِالعاطِفِ إلى مَزِيدِ تَمَكُّنِهِمْ في كُلٍّ مِنَ الوَصْفَيْنِ، ﴿وأُولَئِكَ﴾ أيِ العالُو الرُّتْبَةِ ﴿هُمُ﴾ أيْ خاصَّةً ﴿المُفْلِحُونَ﴾ أيِ الكامِلُونَ في هَذا الوَصْفِ الَّذِينَ انْفَتَحَتْ لَهم وُجُوهُ الظَّفَرِ. والتَّرْكِيبُ دالٌّ عَلى مَعْنى الشَّقِّ والفَتْحِ، وكَذا أخَواتُهُ مِنَ الفاءِ والعَيْنِ نَحْوُ فَلَجَ بِالجِيمِ وفَلَقَ وفَلَذَ وفَلى. (p-٩١)قالَ الحَرالِّيُّ: وخَرَجَ الخِطابُ في هَذِهِ الآيَةِ مَخْرَجَ المُخاطَبَةِ لِلنَّبِيِّ ﷺ، ومَخْرَجَ إحْضارِ المُؤْمِنِينَ بِمَوْضِعِ الإشارَةِ وهي مَكانَةُ حَضْرَةٍ دُونَ مَكانَةِ حَضْرَةِ المُخاطَبِ. انْتَهى. وكَوْنُها لِلْبُعْدِ إعْلامٌ بِعُلُوِّ مَقامِهِمْ. والفَلاحُ: الفَوْزُ والظَّفَرُ بِكُلِّ مُرادٍ ونَوالُ البَقاءِ الدّائِمِ في الخَيْرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب