الباحث القرآني

﴿قالُوا﴾ مُتَبَرِّئِينَ مِنَ العِلْمِ (p-٢٤٦)﴿سُبْحانَكَ﴾ أيْ نُنَزِّهُكَ تَنْزِيهًا يَجِلُّ عَنِ الوَصْفِ عَنْ أنْ نَنْسُبَ إلَيْكَ نَقْصًا في عِلْمٍ أوْ صُنْعٍ، ونَتَبَرَّأُ إلَيْكَ مِمّا يَلْزَمُ قَوْلَنا مِنِ ادِّعاءِ العِلْمِ لِسِواكَ. قالَ الحَرالِّيُّ: وفي هَذا المَعْنى إظْهارٌ لِفَضْلِهِمْ وانْقِيادِهِمْ وإذْعانِهِمْ تَوْطِئَةً لِما يَتَّصِلُ بِهِ مِن إباءِ إبْلِيسَ. انْتَهى. والحاصِلُ أنَّهُ تَصْرِيحٌ بِتَنْزِيهِ اللَّهِ تَعالى عَنِ النَّقْصِ وتَلْوِيحٌ بِنِسْبَتِهِ إلَيْهِمُ اعْتِذارًا مِنهم عَمّا وقَعُوا فِيهِ، ولِذا قالُوا: ﴿لا عِلْمَ لَنا﴾ أيْ أصْلًا ﴿إلا ما عَلَّمْتَنا﴾ فَهو دَلِيلٌ عَلى أنَّهُ لا سَبِيلَ (p-٢٤٧)إلى عِلْمِ شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ إلّا بِتَعْلِيمِ اللَّهِ. قالَ الحَرالِّيُّ: رَدًّا لِبَدْءِ الأمْرِ لِمَن لَهُ البَدْءُ، ولِذَلِكَ ورَدَ في أثارَةٍ مِن عِلْمٍ: مَن لَمْ يَخْتِمْ عِلْمَهُ بِالجَهْلِ لَمْ يَعْلَمْ، وذَلِكَ الجَهْلُ هو البَراءَةُ مِنَ العِلْمِ إلّا ما عَلِمَ اللَّهُ. انْتَهى. ثُمَّ خَصُّوهُ بِما نَفَوْهُ عَنْ أنْفُسِهِمْ فَقالُوا: ﴿إنَّكَ أنْتَ﴾ أيْ وحْدَكَ ﴿العَلِيمُ﴾ أيِ العالِمُ بِكُلِّ المَعْلُوماتِ ﴿الحَكِيمُ﴾ أيْ فَلا يَتَطَرَّقُ إلى صُنْعِكَ (p-٢٤٨)فَسادٌ بِوَجْهٍ فَلا اعْتِراضَ أصْلًا. قالَ الحَرالِّيُّ: تَوْكِيدٌ وتَخْلِيصٌ وإخْلاصٌ لِلْعِلْمِ والحِكْمَةِ لِلَّهِ وحْدَهُ، وذَلِكَ مِن أرْفَعِ الإسْلامِ، لِأنَّهُ إسْلامُ القُلُوبِ ما حَلّاها الحَقُّ سُبْحانَهُ بِهِ ! فَإنَّ العِلْمَ والحِكْمَةَ نُورُ القُلُوبِ الَّذِي تَحْيا بِهِ كَما أنَّ الماءَ رِزْقُ الأبْدانِ الَّذِي تَحْيا بِهِ؛ والحِكْمَةُ جَعْلُ تَسْبِيبٍ بَيْنَ أمْرَيْنِ يَبْدُو بَيْنَهُما تَقاضٍ مِنَ السّابِقِ واسْتِنادٌ مِنَ اللّاحِقِ. انْتَهى. وأصْلُها في اللُّغَةِ المَنعُ مِنَ الفَسادِ ولا يَكُونُ ذَلِكَ إلّا عَنْ تَمامِ العِلْمِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب