الباحث القرآني
ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: هَذا إذا كُنْتُمْ حُضُورًا يَسْهُلُ عَلَيْكم إحْضارُ الكاتِبِ والشّاهِدِ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿وإنْ كُنْتُمْ﴾ ولَمّا كانَ الإنْسانُ في السَّفَرِ يَكُونُ مُسْتَجْمِعَ القُوى كامِلَ الآلاتِ تامَّ الأُهْبَةِ عَبَّرَ بِأداةِ الِاسْتِعْلاءِ فَقالَ: ﴿عَلى سَفَرٍ﴾ يَعُوزُ مِثْلَهُ إحْضارُ كاتِبٍ ﴿ولَمْ تَجِدُوا كاتِبًا فَرِهانٌ﴾ أيْ فَيُغْنِيكم عَنِ الكَتْبِ رَهْنٌ يَكُونُ بَدَلًا عَنْهُ، وقُرِئَ: فَرِهانٌ، وكِلاهُما جَمْعُ رَهْنٍ - بِالفَتْحِ والإسْكانِ، وهو التَّوْثِقَةُ بِالشَّيْءِ مِمّا يُعادِلُهُ بِوَجْهٍ ما. وأشارَ بِأنَّ بَدَلِيَّتَها لا تُفِيدُ إلّا بِما وصَفَها مِن قَوْلِهِ: ﴿مَقْبُوضَةٌ﴾ أيْ بِيَدِ رَبِّ الدَّيْنِ وثِيقَةً لِدَيْنِهِ.
(p-١٦١)ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: هَذا إنْ تَخَوَّفْتُمْ مِنَ المُدايَنِ، عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿فَإنْ أمِنَ﴾ ولَمّا كانَ الِائْتِمانُ تارَةً يَكُونُ مِنَ الدّائِنِ وتارَةً يَكُونُ مِنَ الرّاهِنِ قالَ: ﴿بَعْضُكم بَعْضًا﴾ أيْ فَلَمْ تَفْعَلُوا شَيْئًا مِن ذَلِكَ ﴿فَلْيُؤَدِّ﴾ أيْ يُعْطِ، مِنَ الأداءِ وهو الإتْيانُ بِالشَّيْءِ لِمِيقاتِهِ. ولَمّا كانَ المُرادُ التَّذْكِيرَ بِالإحْسانِ بِالِائْتِمانِ لِيُشْكَرَ ولَمْ يَتَعَلَّقْ غَرَضٌ بِكَوْنِهِ مِن مُحْسِنٍ مُعَيَّنٍ بُنِيَ لِلْمَفْعُولِ قَوْلُهُ: ﴿الَّذِي اؤْتُمِنَ﴾ مِنَ الائْتِمانِ وهو طَلَبُ الأمانَةِ وهو إيداعُ الشَّيْءِ لِحَفِيظَتِهِ حَتّى يُعادَ إلى المُؤْتَمِنِ. قالَهُ الحَرالِّيُّ: ﴿أمانَتَهُ﴾ وهو [الدَّيْنُ] الَّذِي تَرَكَ المُؤْتَمِنُ التَّوَثُّقَ بِهِ مِنَ المَدِينِ إحْسانًا إلَيْهِ وحُسْنَ ظَنٍّ بِهِ، وكَذا إنْ كانَ الِائْتِمانُ مِن جِهَةِ الرّاهِنِ ﴿ولْيَتَّقِ اللَّهَ﴾ المُسْتَجْمِعَ لِصِفاتِ العَظَمَةِ ﴿رَبَّهُ﴾ أيِ الَّذِي رَبّاهُ في نِعَمِهِ وصانَهُ مِن بَأْسِهِ ونِقَمِهِ وعَطَّفَ عَلَيْهِ قَلْبَ مَن أعْطاهُ وائْتَمَنَهُ لِيُؤَدِّيَ الحَقَّ عَلى الصِّفَةِ الَّتِي أخَذَهُ بِها فَلا يَخُنْ في شَيْءٍ مِمّا اؤْتُمِنَ عَلَيْهِ.
(p-١٦٢)ولَمّا كانَتِ الكِتابَةُ لِأجْلِ إقامَةِ الشَّهادَةِ وكانَتِ الأنْفُسُ مَجْبُولَةً عَلى الشُّحِّ مُؤَسَّسَةً عَلى حُبِّ الِاسْتِئْثارِ فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مُخاصَماتٌ ويَشْتَدُّ عَنْها المُشاحَناتُ ورُبَّما كانَ بَعْضُ المُخاصِمِينَ مِمَّنْ يُخْشى أمْرُهُ ويُرْجى بِرُّهُ فَيَحْمِلُ ذَلِكَ الشُّهُودَ عَلى السُّكُوتِ قالَ سُبْحانَهُ وتَعالى: ﴿ولا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ﴾ أيْ سَواءٌ كانَ صاحِبُ الحَقِّ يَعْلَمُها أوْ لا. ولَمّا نَهى أتْبَعَ النَّهْيَ التَّهْدِيدَ فَقالَ: ﴿ومَن يَكْتُمْها فَإنَّهُ آثِمٌ﴾ ولَمّا كانَ مَحَلُّها القَلْبَ الَّذِي هو عُمْدَةُ البَدَنِ قالَ: ﴿قَلْبُهُ﴾ ومَن أثِمَ قَلْبُهُ [فَسَدَ، ومَن فَسَدَ قَلْبُهُ فَسَدَ كُلُّهُ، لِأنَّ القَلْبَ قِوامُ البَدَنِ، إذا فَسَدَ فَسَدَ سائِرُ الجَسَدِ.
ولَمّا] كانَ التَّقْدِيرُ: فَإنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ وتَعالى عالِمٌ بِأنَّهُ كَتَمَ وكانَ لِلشُّهَداءِ جِهاتٌ تَنْصَرِفُ بِها الشَّهادَةُ عَنْ وجْهِ الإقامَةِ عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ - لِيَشْمَلَ التَّهْدِيدُ تِلْكَ الأعْمالَ بِإحاطَةِ العِلْمِ: ﴿واللَّهُ﴾ أيِ (p-١٦٣)المُحِيطُ بِجَمِيعِ صِفاتِ الكَمالِ. ولَمّا كانَ الإنْسانُ هو المَقْصُودَ الأعْظَمَ مِن سائِرِ الأكْوانِ فَكانَتْ أحْوالُهُ [مَضْبُوطَةً] بِأنْواعٍ مِنَ الضَّبْطِ كَأنَّ العِلْمَ البَلِيغَ مَقْصُورٌ عَلَيْهِ فَلِذَلِكَ قَدَّمَ قَوْلَهُ: ﴿بِما تَعْمَلُونَ﴾ أيْ كُلِّهِ وإنْ دَقَّ سَواءٌ كانَ فِعْلَ القَلْبِ وحْدَهُ أوْ لا ﴿عَلِيمٌ﴾ قالَ الحَرالِّيُّ: فَأنْهى أمْرَ ما بَيْنَ الحَقِّ والخَلْقِ مَمْثُولًا وأمْرَ ما بَيْنَ الخَلْقِ والخَلْقِ مَثَلًا. انْتَهى.
{"ayah":"۞ وَإِن كُنتُمۡ عَلَىٰ سَفَرࣲ وَلَمۡ تَجِدُوا۟ كَاتِبࣰا فَرِهَـٰنࣱ مَّقۡبُوضَةࣱۖ فَإِنۡ أَمِنَ بَعۡضُكُم بَعۡضࣰا فَلۡیُؤَدِّ ٱلَّذِی ٱؤۡتُمِنَ أَمَـٰنَتَهُۥ وَلۡیَتَّقِ ٱللَّهَ رَبَّهُۥۗ وَلَا تَكۡتُمُوا۟ ٱلشَّهَـٰدَةَۚ وَمَن یَكۡتُمۡهَا فَإِنَّهُۥۤ ءَاثِمࣱ قَلۡبُهُۥۗ وَٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ عَلِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق