الباحث القرآني

ولَمّا بَيَّنَ سُبْحانَهُ وتَعالى هَذِهِ الأحْكامَ هَذا البَيانَ الشّافِيَ كانَ كَأنَّ سائِلًا قالَ: هَلْ يُبَيِّنُ غَيْرَها مِثْلَها؟ فَقالَ: ﴿كَذَلِكَ﴾ أيْ مِثْلَ هَذا البَيانِ ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ﴾ أيِ الَّذِي لَهُ الحِكْمَةُ البالِغَةُ لِأنَّهُ المُحِيطُ بِكُلِّ شَيْءٍ ﴿لَكم آياتِهِ﴾ أيِ المَرْئِيَّةَ بِما يُفَصِّلُ لَكم في آياتِهِ المَسْمُوعَةِ ﴿لَعَلَّكم تَعْقِلُونَ﴾ أيْ لِتَكُونُوا عَلى حالٍ يُرْجى لَكم مَعَها (p-٣٨٥)التَّفَكُّرُ في الآياتِ المَسْمُوعاتِ والآياتِ المَرْئِيّاتِ كَما يَفْعَلُ العُقَلاءُ فَيَهْدِيكم ذَلِكَ إلى سَواءِ السَّبِيلِ؛ وقَدْ كَرَّرَ مِثْلَ هَذا القَوْلِ كَثِيرًا وفُصِّلَتْ بِهِ الآياتُ تَفْصِيلًا وكانَ لَعَمْرِي يَكْفِي الفَطِنَ السّالِمَ مِن مَرَضِ القَلْبِ وآفَةِ الهَوى إيرادُهُ مَرَّةً واحِدَةً في الوُثُوقِ بِمَضْمُونِهِ والرُّكُونِ إلى مَدْلُولِهِ، وإنَّما كَرَّرَ تَنْبِيهًا عَلى بَلاغَةِ الآياتِ المَخْتُومَةِ بِهِ وخُرُوجِها عَنْ طَوْقِ البَشَرِ وقُدْرَةِ المَخْلُوقِ، وذَلِكَ أنَّهم كُلَّما سَمِعُوا شَيْئًا مِن ذَلِكَ وهم أهْلُ السَّبْقِ في البَلاغَةِ والظَّفَرِ عَلى جَمِيعِ أرْبابِ الفَصاحَةِ والبَراعَةِ فَرَأوْهُ فائِتًا لِقُواهم وبَعِيدًا مِن قُدَرِهِمْ خَطَرَ لَهُمُ السُّؤالُ عَنْ مِثْلِ ذَلِكَ البَيانِ ناسِينَ لِما تَقَدَّمَ مِن صادِقِ الوَعْدِ وثابِتِ القَوْلِ بِأنَّ الكُلَّ عَلى هَذا المِنوالِ البَدِيعِ المِثالُ البَعِيدُ المَنالِ، لِما اعْتَراهم مَن دَهَشِ العُقُولِ وانْبِهارِ الألْبابِ والفُهُومِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب