الباحث القرآني
ولَمّا تَمَّتْ أحْكامُ العِدَدِ وما يَتْبَعُها مِمّا حَقُّ الرِّجالِ فِيهِ أغْلَبُ أتْبَعَها أحْكامَ الأصْدِقَةِ، ولَمّا كانَ الكَلامُ قَدْ طالَ في أحْكامِ الطَّلاقِ (p-٣٥٢)والمَوْتِ ولَمْ يَذْكُرِ الصَّداقَ وكانَ قَدْ خَتَمَ تِلْكَ الأحْكامَ بِصِفَتَيِ الغَفْرِ والحِلْمِ وكانَ الصَّداقُ مَعْلُومًا عِنْدَهم قَبْلَ الإسْلامِ اقْتَضى ذَلِكَ السُّؤالَ: هَلْ يَجِبُ لِلْمُفارَقَةِ صَداقٌ أوْ هو مِمّا دَخَلَ تَحْتَ المَغْفِرَةِ والحِلْمِ فَلا يَجِبُ؟ فَقِيلَ: ﴿لا جُناحَ عَلَيْكُمْ﴾ أيْ لا تَبِعَةَ مِن مَهْرٍ ولا غَيْرِهِ إلّا ما يَأْتِي مِنَ المُتْعَةِ، وأصْلُ الجُناحِ المَيْلُ مِنَ الثِّقَلِ ﴿إنْ طَلَّقْتُمُ النِّساءَ﴾ أيْ إنْ طَلَّقَ أحَدٌ مِنكم ما يَمْلِكُ عِصْمَتَهُ مِنهُنَّ ﴿ما لَمْ تَمَسُّوهُنَّ﴾ أيْ تُجامِعُوهُنَّ.
مِنَ المَسِّ ومِنَ المُماسَّةِ في القِراءَةِ الأُخْرى وهو مُلاقاةُ الجُرْمَيْنِ بِغَيْرِ حائِلٍ بَيْنَهُما - قالَهُ الحَرالِيُّ ﴿أوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً﴾ أيْ تُسَمُّوا لَهُنَّ مَهْرًا مَعْلُومًا. أيْ لا جُناحَ عَلَيْكم ما لَمْ يَقَعْ أحَدُ الأمْرَيْنِ أيْ مُدَّةَ انْتِفائِهِ ولا يَنْتَفِي الأحَدُ المُبْهَمُ إلّا بِانْتِفاءِ الأمْرَيْنِ مَعًا فَإذا انْتَفَيا انْتَفى الجُناحُ وإنْ وُجِدا أوْ أحَدُهُما وُجِدَ، فَإنْ وُجِدَ المَسِيسُ وجَبَ المُسَمّى أوْ مَهْرُ المِثْلِ. وإنْ وُجِدَ الفَرْضُ وجَبَ نِصْفُهُ إنْ خَلا عَنْ مَسِيسٍ.
قالَ الحَرالِيُّ: فَفي إنْبائِهِ صِحَّةُ عَقْدِ النِّكاحِ مَعَ إهْمالِ ذِكْرِ الصَّداقِ (p-٣٥٣)لا مَعَ إبْطالِهِ، فَفِيهِ صِحَّةُ نِكاحِ التَّفْوِيضِ ونِكاحِ التَّأْخِيرِ لِذِكْرِ الصَّداقِ، فَبانَ بِهِ أنَّ الصَّداقَ لَيْسَ رُكْنًا فِيهِ وأنَّ إبْطالَهُ مانِعٌ مِن بِنائِهِ، فَيَكُونُ لَهُ ثَلاثَةُ أحْوالٍ مِن رَفْعِ الجُناحِ فِيهِ عَنِ المُهْمِلِ الَّذِي لَمْ يَمَسَّ فِيهِ كَأنَّهُ كانَ يَسْتَحِقُّ فَرْضًا ما فَرُفِعَ عَنْهُ جُناحُهُ مِن حَيْثُ إنَّ عَلى الماسِّ كُلِّيَّةَ النِّحْلَةِ وعَلى الفارِضِ شَطْرَ النَّحْلَةِ فَرُفِعَ عَنْهُ جُناحُ الفَرْضِ وجُبِرَ مَوْضِعُ الفَرْضِ بِالإمْتاعِ، ولِذَلِكَ ألْزَمَتِ المُتْعَةَ طائِفَةٌ مِنَ العُلَماءِ - انْتَهى.
ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: وطَلِّقُوهُنَّ إنْ أرَدْتُمْ وراعُوا فِيهِنَّ ما أوْجَبْتُ مِنَ الحُقُوقِ لَكم وعَلَيْكم عَطَفَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ: ﴿ومَتِّعُوهُنَّ﴾ أيْ جَبْرًا لِما وقَعَ مِنَ الكَسْرِ بِالطَّلاقِ عَلى حَسَبِ حالِ المُطَلَّقَيْنِ، والمُطَلَّقَةُ مِن غَيْرِ مَسٍّ ولا فَرْضٍ تَسْتَحِقُّهُ لِلْمُتْعَةِ بِالإجْماعِ - نَقَلَهُ الأصْبَهانِيُّ. و﴿عَلى المُوسِعِ﴾ مِنهم أيِ الَّذِي لَهُ في حالِهِ سَعَةٌ.
وقالَ الحَرالِيُّ: هو مِنَ الإيساعِ وهو المُكْنَةُ في السَّعَةِ الَّتِي هي أكْثَرُ مِنَ (p-٣٥٤)الكِفايَةِ ﴿قَدَرُهُ﴾ مِنَ القَدْرِ وهو الحَدُّ المَحْدُودُ في الشَّيْءِ حِسًّا أوْ مَعْنًى ﴿وعَلى المُقْتِرِ﴾ أيِ الَّذِي في حالِهِ ضِيقٌ.
قالَ الحَرالِيُّ: هو مِنَ الإقْتارِ وهو النَّقْصُ مِنَ القَدْرِ الكافِي - انْتَهى ﴿قَدَرُهُ﴾ أيْ ما يَقْدِرُ عَلَيْهِ ويُطِيقُهُ، وقِراءَةُ فَتْحِ الدّالِ كَقِراءَةِ إسْكانِها فَإنَّهُما لُغَتانِ أوْ أنَّ الفَتْحَ مُشِيرٌ إلى التَّفَضُّلِ بِتَحَمُّلِ شَيْءٍ ما فَوْقَ القُدْرَةِ ﴿مَتاعًا﴾ أيْ تَمْتِيعًا ﴿بِالمَعْرُوفِ﴾ وهو ما لَيْسَ فِيهِ في الشَّرْعِ نَكارَةٌ ﴿حَقًّا عَلى المُحْسِنِينَ﴾ أيِ الَّذِينَ صارَ الإحْسانُ لَهم وصْفًا لازِمًا، والإحْسانُ غايَةُ رُتَبِ الدِّينِ كَأنَّهُ كَما قالَ الحَرالِيُّ إسْلامٌ ظاهِرٌ يُقِيمُهُ إيمانٌ باطِنٌ يُكْمِلُهُ إحْسانٌ شُهُودِيٌّ - انْتَهى.
فالكَلامُ عَلى هَذا النِّظامِ إلْهابٌ وتَهْيِيجٌ لا قَيْدٌ، وإنَّما كانَتْ إحْسانًا لِأنَّ مَلاكَ القَصْدِ فِيها كَما قالَ الحَرالِيُّ ما تَطِيبُ بِهِ نَفْسُ المَرْأةِ ويَبْقى باطِنُها وباطِنُ أهْلِها سَلَمًا أوْ ذا مَوَدَّةٍ (p-٣٥٥)﴿لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أمْرًا﴾ [الطلاق: ١] انْتَهى. ولا شَكَّ في أنَّ هَذا إحْسانٌ.
{"ayah":"لَّا جُنَاحَ عَلَیۡكُمۡ إِن طَلَّقۡتُمُ ٱلنِّسَاۤءَ مَا لَمۡ تَمَسُّوهُنَّ أَوۡ تَفۡرِضُوا۟ لَهُنَّ فَرِیضَةࣰۚ وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى ٱلۡمُوسِعِ قَدَرُهُۥ وَعَلَى ٱلۡمُقۡتِرِ قَدَرُهُۥ مَتَـٰعَۢا بِٱلۡمَعۡرُوفِۖ حَقًّا عَلَى ٱلۡمُحۡسِنِینَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











