الباحث القرآني

(p-١٢٢)”أوْ“ مَثَّلَهم في سَماعِ القُرْآنِ الَّذِي فِيهِ المُتَشابِهُ والوَعِيدُ والوَعْدُ ﴿كَصَيِّبٍ﴾ أيْ أصْحابُ صَيِّبٍ أيْ مَطَرٍ عَظِيمٍ، وقالَ الحَرالِّيُّ: سَحابٌ مُمْطِرٌ دارٍّ ثُمَّ أتْبَعَهُ تَحْقِيقًا لِأنَّ المُرادَ الحَقِيقَةَ قَوْلُهُ: ﴿مِنَ السَّماءِ﴾ وهو كَما قالَ الحَرالِّيُّ ما عَلا فَوْقَ الرَّأْسِ، يَعْنِي هَذا أصْلُهُ والمُرادُ هُنا مَعْرُوفٌ، ومَثَّلَ القُرْآنُ بِهَذا لِمُواتَرَةِ نُزُولِهِ وعُلُوِّهِ وإحْيائِهِ القُلُوبَ كَما أنَّ الصَّيِّبَ يُحْيِي الأرْضَ، ثُمَّ أخْبَرَ عَنْ حالِهِ بِقَوْلِهِ: ﴿فِيهِ ظُلُماتٌ﴾ أيْ لِكَثافَةِ السَّحابِ واسْوِدادِهِ ﴿ورَعْدٌ﴾ أيْ صَوْتٌ مُرْعِبٌ يُرْعِدُ عِنْدَ سَماعِهِ ﴿وبَرْقٌ﴾ أيْ نُورٌ مُبْهِتٌ لِلَمَعانِهِ وسُرْعَتِهِ، قالَهُ الحَرالِّيُّ، والظُّلُماتُ مَثَلُ ما لَمْ يَفْهَمُوهُ، والرَّعْدُ ما يُنادِي عَلَيْهِمْ بِالفَضِيحَةِ والتَّهْدِيدِ، والبَرْقُ ما يُلَوِّحُ لَهم مَعْناهُ ويُداخِلُهم رَأْيٌ في اسْتِحْسانِهِ. (p-١٢٣)ولَمّا تَمَّ مَثَلُ القُرْآنِ اسْتَأْنَفَ الخَبَرَ عَنْ حالِ المُمَثِّلِ لَهم والمُمَثَّلِ بِهِمْ حَقِيقَةً ومَجازًا فَقالَ: ﴿يَجْعَلُونَ أصابِعَهُمْ﴾ أيْ بَعْضَها ولَوْ قَدَرُوا لَحَشَوُا الكُلَّ لِشِدَّةِ خَوْفِهِمْ ﴿فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ﴾ أيْ مِن أجْلِ قُوَّتِها، لِأنَّ هَوْلَها يَكادُ أنْ يُصِمَّ، وقالَ الحَرالِّيُّ: جَمْعُ صاعِقَةٍ وهو الصَّوْتُ الَّذِي يُمِيتُ سامِعَهُ أوْ يَكادُ، ثُمَّ عَلَّلَ هَذا بِقَوْلِهِ: ﴿حَذَرَ المَوْتِ واللَّهُ﴾ أيْ والحالُ أنَّ المُحِيطَ بِكُلِّ شَيْءٍ قُدْرَةً وعِلْمًا ﴿مُحِيطٌ بِالكافِرِينَ﴾ فَلا يُغْنِيهِمْ مِن قَدَرِهِ حَذَرٌ، وأظْهَرَ مَوْضِعَ الإضْمارِ لِإعْراضِهِمْ عَنِ القُرْآنِ وسَتْرِهِمْ لِأنْوارِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب