الباحث القرآني

ولَمّا فَرَغَ مِنَ المَثَلِ؛ كَشَفَ المُرادَ بِظُلُماتِهِمْ بِأنَّها ما في آذانِهِمْ مِنَ الثِّقَلِ المانِعِ مِنَ الِانْتِفاعِ بِالسَّماعِ، وما في ألْسِنَتِهِمْ مِنَ الخَرَسِ عَنْ كَلامِ الخَيْرِ النّاشِئِ عَنْ عَدَمِ الإدْراكِ النّاشِئِ عَنْ عَمى البَصائِرِ وفَسادِ الضَّمائِرِ والسَّرائِرِ، وما عَلى أبْصارِهِمْ مِنَ الغِشاوَةِ المانِعَةِ مِنَ الِاعْتِبارِ وعَلى بَصائِرِهِمْ مِنَ الأغْطِيَةِ المُنافِيَةِ لِلِادِّكارِ فَقالَ: ﴿صُمٌّ﴾ أيْ عَنِ السَّماعِ النّافِعِ ﴿بُكْمٌ﴾ عَنِ النُّطْقِ المُفِيدِ لِأنَّ قُلُوبَهم مَخْتُومٌ عَلَيْها فَلا يَنْبَعِثُ مِنها (p-١٢١)خَيْرٌ تَقْذِفُهُ إلى الألْسِنَةِ ﴿عُمْيٌ﴾ في البَصَرِ والبَصِيرَةِ عَنِ الإبْصارِ المُرْشِدِ لِما تَقَدَّمَ مِنَ الخَتْمِ عَلى مَشاعِرِهِمْ. ولَمّا كانَ في مَقامِ إجابَةِ الدّاعِي إلى الإيمانِ؛ قَدَّمَ السَّمْعَ لِأنَّهُ العُمْدَةُ في ذَلِكَ، وثَنّى بِالقَوْلِ لِأنَّهُ يُمَكِّنُ الأصَمَّ الإفْصاحَ عَنِ المُرادِ، وخَتَمَ بِالبَصَرِ لِإمْكانِ الِاهْتِداءِ بِهِ بِالإشارَةِ؛ وكَذا ما يَأْتِي في هَذِهِ السُّورَةِ سَواءٌ بِخِلافِ ما في الإسْراءِ، ﴿فَهُمْ﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أنَّهم ﴿لا﴾ ولَمّا كانَ المُرادُ التَّعْمِيمَ في كُلِّ رُجُوعٍ لَمْ يُذْكَرِ المَرْجُوعُ عَنْهُ فَقالَ: ﴿يَرْجِعُونَ﴾ أيْ عَنْ طُغْيانِهِمْ وضَلالِهِمْ إلى الهُدى الَّذِي باعُوهُ ولا إلى حالِهِمُ الَّذِي كانُوا عَلَيْهِ ولا يَنْتَقِلُونَ عَنْ حالِهِمْ هَذا أصْلًا، لِأنَّهم كَمَن هَذا حالُهُ، ومَن هَذا حالُهُ لا يَقْدِرُ عَلى مُفارَقَةِ مَوْضِعِهِ بِتَقَدُّمٍ ولا تَأخُّرٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب