الباحث القرآني

ولَمّا نَهاهم سُبْحانَهُ وتَعالى عَنْ مُتابَعَةِ العَدُوِّ ذَمَّهم بِمُتابَعَتِهِ مَعَ أنَّهُ عَدُوٌّ مِن غَيْرِ حُجَّةٍ بَلْ بِمُجَرَّدِ التَّقْلِيدِ لِلْجَهَلَةِ فَقالَ عاطِفًا عَلى ﴿ومِنَ النّاسِ﴾ [البقرة: ١٦٥] مُعَجِّبًا مِنهم: ﴿وإذا قِيلَ﴾ أيْ: مِن أيِّ قائِلٍ كانَ. ولَمّا كانَ الخِطابُ لِلنّاسِ عامَّةً وكانَ أكْثَرُهم مُقَلِّدًا ولا سِيَّما لِلْآباءِ أعادَ الضَّمِيرَ والمُرادُ أكْثَرُهم فَقالَ: ﴿لَهُمُ اتَّبِعُوا﴾ أيِ: اجْتَهِدُوا (p-٣٣٠)فِي تَكْلِيفِ أنْفُسِكُمُ الرَّدَّ عَنِ الهَوى الَّذِي نَفَخَهُ فِيها الشَّيْطانُ، وفي قَوْلِهِ لَهُ ﴿ما أنْـزَلَ اللَّهُ﴾ أيِ: الَّذِي لَهُ العِلْمُ الشّامِلُ والقُدْرَةُ التّامَّةُ انْعِطافٌ عَلى ذَلِكَ الكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ وما شاكَلَهُ ﴿قالُوا بَلْ﴾ أيْ: لا نَتَّبِعُ ما أنْزَلَ اللَّهُ بَلْ ﴿نَتَّبِعُ﴾ أيْ: نَجْتَهِدُ في تَبَعِ ﴿ما ألْفَيْنا﴾ أيْ: وجَدْنا، قالَ الحَرالِّيُّ: مِنَ الإلْفاءِ وهو وِجْدانُ الأمْرِ عَلى ما ألِفَهُ المُتَبَصِّرُ فِيهِ أوِ النّاظِرُ إلَيْهِ ﴿عَلَيْهِ آباءَنا﴾ أيْ: عَلى ما هم عَلَيْهِ مِنَ الجَهْلِ والعَجْزِ، قالَ: فَفِيهِ إشْعارٌ بِأنَّ عَوائِدَ الآباءِ مَنهِيَّةٌ حَتّى يَشْهَدَ لَها شاهِدُ أُبُوَّةِ الدِّينِ فَفِيهِ التَّحْذِيرُ في رُتَبِ ما بَيْنَ حالِ الكُفْرِ إلى أدْنى الفِتْنَةِ الَّتِي شَأْنُ النّاسِ أنْ يَتَّبِعُوا فِيها عَوائِدَ آبائِهِمْ. انْتَهى. (p-٣٣١)ولَمّا أبَوْا إلّا إلْفَ وِهادِ التَّقْلِيدِ فَدَنَوْا عَنِ السُّمُوِّ إلى عِدادِ أُولِي العِلْمِ بِالنَّظَرِ السَّدِيدِ أنْكَرَ عَلَيْهِمْ سُبْحانَهُ وتَعالى ذَلِكَ فَقالَ مُبَكِّتًا لَهم: ﴿أوَلَوْ﴾ أيْ: أيَتَّبِعُونَ آباءَهم والحالُ أنَّهُ ﴿كانَ آباؤُهم لا يَعْقِلُونَ﴾ بِبَصائِرِ قُلُوبِهِمْ ﴿شَيْئًا﴾ مِنَ الأشْياءِ المَعْقُولَةِ ﴿ولا يَهْتَدُونَ﴾ بِأبْصارِ عُيُونِهِمْ إلى شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ المَحْسُوسَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب