الباحث القرآني

فَأُجِيبَ مَن كَأنَّهُ قالَ: بِماذا جُوزُوا ؟ بِقَوْلِهِ: ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ أيْ يُجازِيهِمْ عَلى فِعْلِهِمْ بِالِاسْتِدْراجِ بِأنْ يُظْهِرَ لَهم مِن أمْرِهِ (p-١١٦)المُرْذِيِّ لَهم ما لا يُدْرِكُونَ وجْهَهُ فَهو يُجْرِي عَلَيْهِمْ في الدُّنْيا أحْكامُ أهْلِ الإيمانِ ويُذِيقُهم في الدّارَيْنِ أعْلى هَوانٍ مُجَدِّدًا لَهم ذَلِكَ بِحَسْبِ اسْتِهْزائِهِمْ، وذَلِكَ أنَكَأُ مِن شَيْءٍ دائِمٍ تُوَطَّنُ النَّفْسُ عَلَيْهِ، فَلِذَلِكَ عَبَّرَ بِالفِعْلَيْةِ دُونَ الِاسْمِيَّةِ مَعَ أنَّها تُفِيدُ صِحَّةَ التَّوْبَةِ لِمَن تابَ دُونَ الِاسْمِيَّةِ. ﴿ويَمُدُّهُمْ﴾ مِنَ المَدِّ بِما يَلْبِسُ عَلَيْهِمْ. وقالَ الحَرالِّيُّ: مِنَ المَدَدِ وهو مَزِيدٌ مُتَّصِلٌ في الشَّيْءِ مِن جِنْسِهِ، ﴿فِي طُغْيانِهِمْ﴾ أيْ تَجاوُزِهِمُ الحَدَّ في الفَسادِ. وقالَ الحَرالِّيُّ: إفْراطُ اعْتِدائِهِمْ حُدُودَ الأشْياءِ ومَقادِيرَها، انْتَهى. وهَذا المَدُّ بِالإمْلاءِ لَهم حالَ كَوْنِهِمْ ﴿يَعْمَهُونَ﴾ أيْ يَخْبِطُونَ خَبْطَ الَّذِي لا بَصِيرَةَ لَهُ أصْلًا. قالَ الحَرالِّيُّ: مِنَ العَمَهِ وهو انْبِهامُ الأُمُورِ (p-١١٧)الَّتِي فِيها دَلالاتٌ يُنْتَفَعُ بِها عِنْدَ فَقْدِ الحِسِّ فَلا يَبْقى لَهُ سَبَبٌ يَرْجِعُهُ عَنْ طُغْيانِهِ، فَلا يَتَعَدَّوْنَ حَدًّا إلّا عَمِهُوا فَلَمْ يَرْجِعُوا عَنْهُ، فَهم أبَدًا مُتَزايِدُو الطُّغْيانِ. انْتَهى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب