الباحث القرآني
﴿ووَصّى بِها﴾ أيْ: بِهَذِهِ المَقالَةِ أوِ الوَصِيَّةِ أوِ الخَصْلَةِ الَّتِي اصْطَفاهُ اللَّهُ بِها، ولَعَلَّهُ لَمْ يُذَكِّرِ الضَّمِيرَ لِئَلّا يُوهِمَ (p-١٦٦)الرُّجُوعَ إلى رَبِّهِ؛ وقُرِئَ ”وأوْصى“ فَهو مِن إيصاءَ والوَصِيَّةِ وهي التَّقَدُّمُ في الشَّيْءِ النّافِعِ المَحْمُودِ عاقِبَتُهُ، وقِراءَةُ التَّشْدِيدِ أبْلَغُ لِدَلالَتِها عَلى التَّكَرُّرِ والتَّكَثُّرِ ﴿إبْراهِيمُ بَنِيهِ ويَعْقُوبُ﴾ وصّى بِها أيْضًا بَنِيهِ فَقالَ كُلٌّ مِنهم: ﴿يا بَنِيَّ إنَّ اللَّهَ﴾ بِعَظْمَتِهِ وكَمالِهِ ﴿اصْطَفى لَكُمُ الدِّينَ﴾ وهو الإسْلامُ، فَأغْناكم عَنْ تَطَلُّبِهِ وإجالَةِ الفِكْرِ فِيهِ رَحْمَةً مِنهُ لَكم ﴿فَلا﴾ أيْ: فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أنِّي أقُولُ لَكم: لا ﴿تَمُوتُنَّ﴾ عَلى حالَةٍ مِنَ الحالاتِ ﴿إلا وأنْتُمْ﴾ أيْ: والحالُ أنَّكم ﴿مُسْلِمُونَ﴾ أيْ: مُلْقُونَ بِأيْدِيكم وجَمِيعِ ما يُنْسَبُ إلَيْكم لِلَّهِ لا حَظَّ لَكم في شَيْءٍ أصْلًا ولا التِفاتَ إلى غَيْرِ مَوْلاكم، فَإنَّ مَن كَمُلَ افْتِقارُهُ إلى الغَنِيِّ الحَكِيمِ أغْناهُ بِحَسَبِ ذَلِكَ. وقَرَّرَ سُبْحانَهُ بِالآياتِ الآتِيَةِ بُطْلانَ ما عَلَيْهِ المُتَعَنِّتُونَ مِنَ اليَهُودِيَّةِ والنَّصْرانِيَّةِ، وبَرَّأ خَلِيلَهُ والأنْبِياءَ مِن ذَلِكَ عَلى وجْهٍ أوْجَبَ القَطْعَ بِأنَّهم عالِمُونَ بِبُطْلانِهِ.
ذِكْرُ قِصَّةِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ مِنَ التَّوْراةِ: ذَكَرَ في السِّفْرِ الأوَّلِ مِنها أنَّهُ إبْراهِيمُ بْنُ تارِحَ بْنِ ناحُورَ بْنِ شارَغَ بْنِ آرَغُو (p-١٦٧)بْنِ فالِغَ بْنِ عابِرَ بْنِ شالِخَ بْنِ أرْفَخَشْدَ بْنِ سامِ بْنِ نُوحٍ؛ لِأنَّهُ قالَ في التَّوْراةِ: لَمّا أتَتْ عَلى سامٍ مِائَةُ سَنَةٍ وُلِدَ لَهُ أرْفَخَشْدُ فَأتَتْ عَلَيْهِ خَمْسٌ وثَلاثُونَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ شالاحُ وسَمّاهُ في مَوْضِعٍ آخَرَ شالِحَ، فَأتَتْ عَلَيْهِ ثَلاثُونَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ عابِرٌ فَأتَتْ عَلَيْهِ أرْبَعٌ وثَلاثُونَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ فالِغُ، فَأتَتْ عَلَيْهِ ثَلاثُونَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ آرَغُو، فَأتَتْ عَلَيْهِ اثْنَتانِ وثَلاثُونَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ شارِغُ فَأتَتْ عَلَيْهِ ثَلاثُونَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ ناحُورُ، (p-١٦٨)فَأتَتْ عَلَيْهِ تِسْعٌ وعِشْرُونَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ تارِحُ فَأتَتْ عَلَيْهِ خَمْسٌ وسَبْعُونَ سَنَةً فَوُلِدَ لَهُ إبْرَمُ وناحُورُ وهارانُ. وخالَفَهُ في الإنْجِيلِ بَعْضَ المُخالَفَةِ فَقالَ في إنْجِيلِ لُوقا: ناحُورُ بْنُ شارِغَ بْنِ أرْغُو بْنِ فالِغَ بْنِ عابِرِ بْنِ صالا بْنِ قِينانَ بْنِ أرْفَخَشْدَ بْنِ سامِ بْنِ نُوحٍ؛ ونُوحٌ عَلى ما قالَ في التَّوْراةِ ابْنُ لَمْكِ بْنِ مُتَوَشْلِحَ بْنِ خَنُوخَ بْنِ يارِذَ بْنِ هُلَيْلِ بْنِ قِينانَ بْنِ أنُوشَ بْنِ شِيثِ بْنِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلامُ.
وهَكَذا قالَ في أثْناءِ إنْجِيلِ لُوقا إلّا أنَّهُ قالَ في لَمْكٍ: (p-١٦٩)لامَكُ، وفي يارِذَ: يَرِذُ بْنُ مَهْلالايِيلَ. ثُمَّ قالَ في التَّوْراةِ: ووَلَدَ هارانُ لُوطًا، وماتَ هارانُ في حَياةِ أبِيهِ تارِحَ في الأرْضِ الَّتِي وُلِدَ فِيها وهي أُورُ الكَلْدانِيِّينَ - وفي نُسْخَةٍ: الكَزْدانِيِّينَ - ”فَتَزَوَّجَ إبْرَمُ سَرى وكانَتْ عاقِرًا فَلَمْ يُولَدْ لَها ولَدٌ، فانْطَلَقَ تارِحُ بِابْنِهِ إبْرَمَ وبِلُوطٍ ابْنِ ابْنِهِ هارانِ وبِكَنَّتِهِ سَرى مِن أُورَ الكَلْدانِيِّينَ مُتَيَمِّمًا أرْضَ كَنْعانَ، فانْتَهَوْا إلى حَرّانَ فَسَكَنُوها، فَتُوفِّيَ تارِحُ بِحَرّانَ عَنْ مِائَتَيْ سَنَةٍ وخَمْسِ سِنِينَ؛ وقالَ الرَّبُّ لِإبْرَمَ: اخْرُجْ مِن أرْضِكَ مِن حَيْثُ وُلِدْتَ ومِن آلِ أبِيكَ إلى الأرْضِ الَّتِي أُرِيكَ فَأجْعَلُكَ لِشَعْبٍ عَظِيمٍ وأُبارِكُكَ وأُعَظِّمُ اسْمَكَ وكُنْ مُبارَكًا وأُبارِكُ بَنِيكَ وألْعَنُ عَنِيكَ ويَتَبارَكُ بِكَ جَمِيعُ قَبائِلِ الأرْضِ وبِزَرْعِكَ، فَصَنَعَ إبْرَمُ كَما أمَرَهُ الرَّبُّ وانْطَلَقَ مَعَهُ لُوطٌ ابْنُ أخِيهِ وسَرى زَوْجَتُهُ وكانَ إذْ ذاكَ ابْنَ خَمْسٍ وسَبْعِينَ سَنَةً ومَعَهم جَمِيعُ مَواشِيهِمْ وما اتَّخَذُوا بِحَرّانَ مِن وِلْدانٍ وخَدَمٍ، فَخَرَجُوا يُرِيدُونَ أرْضَ كَنْعانَ فَأتَوْها، فَجاءَ إبْرَمُ حَتّى أتى بِلادَ سَحامَ وإلى بِلُوطٍ مُمْرى وكانَ الكَنْعانِيُّونَ بَعْدُ سُكّانًا في الأرْضِ فاعْتَلَنَ الرَّبُّ لِإبْرَمَ وقالَ لَهُ: إنِّي مُعْطٍ ذُرِّيَّتَكَ هَذِهِ الأرْضَ، وبَنى إبْرَمُ هُنالِكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ إذْ ظَهَرَ لَهُ (p-١٧٠)وانْتَقَلَ مِن هُنالِكَ إلى الجَبَلِ مِنَ المَشْرِقِ إلى بَيْتِ إيلَ، فَنَصَبَ خَيْمَتَهُ في بَيْتِ إيلَ مِن غَرْبِها قُبالَةَ الحَرْبِ وعايَ: مِن شَرْقِها، وبَنى ثَمَّ لِرَبٍّ مَذْبَحًا ودَعا بِاسْمِ الرَّبِّ، ثُمَّ ظَعَنَ مُنْطَلِقًا وكانَ مَظْعَنُهُ إلى مَهَبِّ الجَنُوبِ وكانَ جُوعٌ في الأرْضِ، فَهَبَطَ إبْرَمُ إلى مِصْرَ لِيَسْكُنَها لِأنَّ الجُوعَ اشْتَدَّ في الأرْضِ، فَلَمّا دَنا مِن مِصْرَ قالَ لِسَرى امْرَأتِهِ: إنِّي عالِمٌ أنَّكِ امْرَأةٌ حَسْناءُ، فَإنْ رَآكِ المِصْرِيُّونَ يَقُولُونَ: امْرَأتُهُ، فَيَقْتُلُونَنِي؛ قُوِلِي: إنِّي أُخْتُهُ - فَذَكَرَ قِصَّةَ أخْذِ فِرْعَوْنَ مِصْرَ لَها والقَوارِعِ الَّتِي أصابَتْهُ فَحالَتْ بَيْنَهُ وبَيْنَها فَخَلّى سَبِيلَها وأحْسَنَ إلَيْها وإلى إبْراهِيمَ - إلى أنْ قالَ: فَخَرَجَ إبْرَمُ مِن مِصْرَ هو وامْرَأتُهُ ولُوطٌ مَعَهُ إلى أرْضِ التَّيَمُّنِ - وفي نُسْخَةٍ: إلى القِبْلَةِ - وهي جِهَةُ الجَنُوبِ فاسْتَغْنى إبْرَمُ جِدًّا، فَظَعَنَ لِمَظْعَنِهِ مِنَ الجَنُوبِ حَتّى أتى بَيْتَ إيلَ إلى المَوْضِعِ الَّذِي كانَ نَصَبَ فِيهِ خَيْمَتَهُ مِن قَبْلُ ولُوطٌ مَعَهُ كانَ لَهُ غَنَمٌ وبَقَرٌ وخَيْرٌ كَثِيرٌ جِدًّا وأخْبِيَةٌ، ولَمْ تَكُنْ تِلْكَ الأرْضُ تَسَعُهُما كِلَيْهِما لِأنَّ مَواشِيَهُما كَثُرَتْ جِدًّا؛ فَذَكَرَ أنَّ لُوطًا رَفَعَ بَصَرَهُ فَنَظَرَ إلى أرْضِ الأُرْدُنِّ فَإذا هي كُلُّها أرْضُ سَقْيٍ وشُرْبٍ مِثْلَ فِرْدَوْسِ اللَّهِ ومِثْلَ أرْضِ مِصْرَ الَّتِي في مَدْخَلِ صاغارَ - وفي نُسْخَةٍ: زَغَرَ فاخْتارَ لُوطٌ أرْضَ الأُرْدُنِّ؛ فَسَكَنَ إبْرَمُ أرْضَ كَنْعانَ، وسَكَنَ لُوطٌ قُرى عاجارَ ووَرِثَ - وفي نُسْخَةٍ: قُرى المَرْجِ - وخَيَّمَ إلى سَدُومَ وكانَ (p-١٧١)أهْلُ سَدُومَ أشْرارًا خَطَأةً جِدًّا، فَقالَ الرَّبُّ لِإبْرَمَ بَعْدَما اعْتَزَلَهُ لُوطٌ: مُدَّ بَصَرَكَ فانْظُرْ مِنَ المَكانِ الَّذِي أنْتَ فِيهِ إلى الجَرْنِيا والتَّيَمُّنِ - وفي نُسْخَةٍ: إلى الشَّمالِ والجَنُوبِ والمَشْرِقِ والمَغْرِبِ - لِأنَّ جَمِيعَ الأرْضِ الَّتِي تَرى إيّاكَ أُعْطِيها وذُرِّيَّتَكَ مِن بَعْدِكَ إلى الأبَدِ، واجْعَلْ ذُرِّيَّتَكَ مِثْلَ ثَرى الأرْضِ، فَإنْ قَدَرْتَ أنْ تُحْصِيَ تُرابَ الأرْضِ فَإنَّ زَرْعَكَ يُحْصى، فَأتى إبْرَمُ فَسَكَنَ بَيْنَ بَلُّوطٍ - وفي نُسْخَةٍ: في مَرْجٍ مُمْرى الأمُورانِيِّ الَّتِي بِحَبْرُونَ - وبَنى هُنالِكَ مَذْبَحًا لِلرَّبِّ، وكانَ عَلى عَهْدِ أمِرْقالَ مَلِكِ شَنْعارَ - وفي نُسْخَةٍ: شِنْوارَ - وأرْنُوخَ مِلْكِ ذِي الشّارِ - وفي نُسْخَةٍ: الخَزَرِ - وكَدَرَ لِعُمُرِ، مَلِكِ عَيْلَمَ - وفي نُسْخَةٍ: خُوزِسْتانَ وتَرْغِيلَ مَلِكِ جِيلانَ - وفي نُسْخَةٍ: الأُمَمِ - اجْتَمَعَ هَؤُلاءِ في قاعِ السُّدُومِيِّينَ وهو البَحْرُ المالِحُ فَقَتَلُوا الجَبابِرَةَ الَّذِينَ في العَشَرَةِ القُرى والأبْطالَ الَّذِينَ بِها والحُورانِيِّينَ الَّذِينَ في جِبالٍ ساعِيرَ - وفي نُسْخَةٍ: شُراةَ - إلى بَطَمَةَ فارانَ الَّتِي في البَرِّيَّةِ، ورَجَعُوا وأتَوْا عَيْنَ الدُّنْيا - وفي نُسْخَةٍ: الحُكْمَ - وهي رَقِيمٌ وقَتَلُوا كُلَّ رُؤَساءِ العَمالِقَةِ والأمُورانِيِّينَ سُكّانَ عَيْنِ جادٍ، وخَرَجَ بارِعٌ مَلِكُ سَدُومَ وبَرْشَعُ مَلِكُ عامِرا (p-١٧٢)وشَنَآبَ مَلِكُ أدُوما وشالِيمُ مَلِكُ صَبُوِيمَ ومَلِكُ بالاعَ الَّتِي هي صاغِرُ - وفي نُسْخَةٍ: زَغَرَ - خَمْسَةُ مُلُوكٍ، قاتَلُوا الأرْبَعَةَ بِقاعِ السَّدُومِيِّينَ، فَهَرَبَ مَلِكُ سَدُومَ ومَلِكُ عامِرا فَوَقَعُوا هُناكَ، وهَرَبَ البَقِيَّةُ إلى الجَبَلِ فاسْتَباحُوا جَمِيعَ مَواشِي سَدُومَ وعامِرا وجَمِيعَ طَعامِهِمْ واسْتاقُوا لُوطًا ابْنَ أخِي إبْرَمَ وماشِيَتَهُ وانْطَلَقُوا، فَأتى مَن نَجا مِنهم وأخْبَرَ إبْرَمَ العِبْرانِيَّ، فَعَبّى فِتْيانَهُ ومُوَلَّدِيهِ ثَلاثَمِائَةٍ وثَمانِيَةَ عَشَرَ رَجُلًا وسارَ في طَلَبِهِمْ إلى دارِيا - وفي نُسْخَةٍ: بانِياسَ - فَأحاطَ بِهِمْ لَيْلًا، فَقاتَلَهم وهَزَمَهم إلى الجَوْفِ - وفي نُسْخَةٍ: المِزَّةِ - الَّتِي عَنْ شِمالِ دِمَشْقَ وهي قَرْيَةٌ يُقالُ لَها حَلَبُونَ ورَدَّ لُوطًا ابْنَ أخِيهِ وماشِيَتَهُ وجَمِيعَ المَواشِي والنِّساءِ والشَّعْبِ، فَخَرَجَ مَلِكُ سَدُومَ فَتَلَقّاهُ فَرَدَّ إلَيْهِ جَمِيعَ ما سُلِبَ مِنهُ؛ ومِن بَعْدِ هَذا حَلَّ وحْيُ اللَّهِ عَلى إبْرَمَ في الرُّؤْيا وقالَ لَهُ: يا إبْرَمُ ! أنا أُكانِفُكَ وأُساعِدُكَ، لِأنَّ ثَوابَكَ قَدْ جَزَلَ جِدًّا، فَقالَ إبْرَمُ: اللَّهُمَّ ! رَبِّ ما الَّذِي تَنْحَلُنِي وأنا خارِجٌ مِنَ الدُّنْيا بِلا نَسَبٍ ويَرِثُنِي الِيعازَرُ غُلامِي الدِّمَشْقِيُّ ؟ فَقالَ لَهُ الرَّبُّ: لا يَرِثُكَ هَذا بَلِ ابْنُكَ الَّذِي يَخْرُجُ مِن صُلْبِكَ فَهو يَرِثُكَ، وقالَ لَهُ: (p-١٧٣)انْظُرْ إلى السَّماءِ وأحْصِ النُّجُومَ إنْ كُنْتَ تَقْدِرُ أنْ تُحْصِيَها، ثُمَّ قالَ لَهُ: كَذَلِكَ تَكُونُ ذُرِّيَّتُكَ، فَآمَنَ إبْرَمُ بِاللَّهِ، وقالَ لَهُ الرَّبُّ: [أنا الرَّبُّ ] إلَهُكَ الَّذِي أخْرَجَكَ مِن أُورِ الكَلْدانِيِّينَ - وفي نُسْخَةٍ: أتُونِ الكَزْدانِيِّينَ - لَأُعْطِيَنَّكَ هَذِهِ الأرْضَ لِتَرِثَها، فَلَمّا كانَ غُرُوبُ الشَّمْسِ وقَعَ الصَّمْتُ عَلى إبْرَمَ وغَشِيَهُ خَوْفٌ وظُلْمَةٌ عَظِيمَةٌ فَقالَ الرَّبُّ لِإبْرَمَ: اعْلَمْ عِلْمًا يَقِينًا أنَّ نَسْلَكَ سَيَسْكُنُونَ في أرْضٍ لَيْسَتْ لَهم، فَيَتَعَبَّدُونَهم ويُكِدُّونَهم أرْبَعَمِائَةِ سَنَةٍ، والشَّعْبُ الَّذِينَ يَتَعَبَّدُونَهم فَإنِّي أُدِينُهم ويَخْرُجُونَ مِن هُناكَ بَعْدَ ذَلِكَ بِمالٍ عَظِيمٍ، وأنْتَ تَنْتَقِلُ إلى آبائِكَ بِسَلامٍ وتُدْفَنُ بِشَيْخُوخَةِ خَيْرٍ وصَلاحٍ، والحِقْبُ الرّابِعُ يَرْجِعُونَ إلى ها هُنا، لِأنَّ إثْمَ الأمُورانِيِّينَ لَمْ يَكْمُلْ بَعْدُ، فَلَمّا غَرَبَتِ الشَّمْسُ صارَ دُجًى حِنْدَسَةً وإذا بِتَنُّورٍ يُدَخِّنُ ومِصْباحُ نارٍ يَلْتَهِبُ ويَتَرَدَّدُ بَيْنَ تِلْكَ الأنْصِبَةِ، وفي ذَلِكَ اليَوْمِ عاهَدَ الرَّبُّ إبْرَمَ عَهْدًا وقالَ: إنِّي مُعْطٍ ذُرِّيَّتَكَ هَذِهِ الأرْضَ مِن نَهْرِ مِصْرَ وإلى الفُراتِ النَّهْرِ الأعْظَمِ، وإنَّ سَرى امْرَأةَ إبْرَمَ لَمْ تَكُنْ تَلِدُ وكانَتْ لَها أمَةٌ مِصْرِيَّةٌ اسْمُها هاجَرُ فَقالَتْ سَرى لِإبْرَمَ وهُما بِأرْضِ كَنْعانَ: إنَّ الرَّبَّ قَدْ حَرَمَنِي الوَلَدَ فادْخُلْ عَلى أمَتِي وابْنِ بِها لَعَلِّي أتَعَزّى بِوَلَدٍ مِنها، تَسَمَّعَ إبْرَمُ قَوْلَ سَرى وأطاعَها، وذَلِكَ بَعْدَما سَكَنَ أرْضَ (p-١٧٤)كَنْعانَ عَشْرَ سِنِينَ، فَحَبِلَتْ فَقالَتْ سَرى لِإبْرَمَ: أنْتَ صاحِبُ ظِلامَتِي، أنا وضَعْتُ أمَتِي في حِضْنِكَ، فَلَمّا حَبَلَتْ هُنْتَ عَلَيْها بِحُكْمِ الرَّبِّ بَيْنِي وبَيْنَكَ، فَقالَ: هَذِهِ أمَتُّكِ مُسَلَّمَةٌ إلَيْكِ. اصْنَعِي بِها ما أحْبَبْتِ، فَأهانَتْها سَرى سَيِّدَتُها فَهَرَبَتْ مِنها، فَلَقِيَها مَلاكُ الرَّبِّ عَلى عَيْنِ ماءٍ في البَرِّيَّةِ في طَرِيقِ سُورٍ - وفي رِوايَةٍ: في طَرِيقِ حَذَرَ، وفي نُسْخَةٍ: عَلى العَيْنِ الَّتِي بِطَرِيقِ الجِفارِ - فَقالَ لَها: يا هاجَرُ أمَةَ سَرى ! ارْجِعِي إلى سَيِّدَتِكِ واسْتِكِدِّي تَحْتَ يَدِها، ثُمَّ قالَ لَها مَلاكُ اللَّهِ: لَأُكْثِرَنَّ نَسْلَكِ حَتّى لا يُحْصى، ثُمَّ قالَ لَها: ها أنْتِ حامِلٌ - وفي نُسْخَةٍ: إنَّكِ حُبْلى - وسَتَلِدِينَ ابْنًا وتَدْعِينَ اسْمَهُ إسْماعِيلَ، لِأنَّ الرَّبَّ قَدْ عَرَفَ لَكِ خُضُوعَكَ، ويَكُونُ ابْنُكَ هَذا رَجُلًا يَأْوِي البَرِّيَّةَ ويَدُهُ في جَمِيعِ النّاسِ - وفي نُسْخَةٍ: وحَشى النّاسِ - يَدُهُ عَلى كُلٍّ ويَدُ كُلٍّ بِهِ، وسَيَحِلُّ عَلى جَمِيعِ حُدُودِ إخْوَتِهِ، فَدَعَتِ اسْمَ الرَّبِّ الَّذِي كَلَّمَها فَقالَتْ: أنْتَ اللَّهُ ذُو الوَحْيِ والرُّؤْيا، وذَلِكَ لِأنَّها قالَتْ: إنِّي رَأيْتُ رُؤْيا، ولِذَلِكَ دَعَتْ تِلْكَ الطُّوى بِئْرَ الحَيِّ وهي بِئْرُ رَقِيمٍ وحَذَرَ - وفي نُسْخَةٍ: فِيما بَيْنَ قادِسَ وبارِدَ - ثُمَّ ولَدَتْ هاجَرُ لِإبْرَمَ ابْنًا فَدَعا إبْرَمُ اسْمَهُ إسْماعِيلَ، وكانَ إبْرَمُ ابْنَ سِتٍّ وثَمانِينَ سَنَةً إذْ ولَدَتْ هاجَرُ لَهُ إسْماعِيلَ، فَلَمّا أتى عَلى إبْرَمَ تِسْعٌ وتِسْعُونَ سَنَةً اعْتَلَنَ لَهُ الرَّبُّ وقالَ لَهُ: أنا اللَّهُ إلَهُ المَواعِيدِ، أرْضِنِي تَكُنْ غَيْرَ ذِي (p-١٧٥)عَيْبٍ وأُثْبِتُ عَهْدِي بَيْنِي وبَيْنَكَ - وفي رِوايَةٍ: فَأحْسِنْ أمامِي ولا تَكُنْ مَلُومًا فَإنِّي جاعِلٌ بَيْنِي وبَيْنَكَ مِيثاقًا، وأُكَثِّرُكَ جِدًّا جِدًّا، فَخَرَّ إبْراهِيمُ عَلى وجْهِهِ فَكَلَّمَهُ اللَّهُ وقالَ لَهُ: أنا أُثْبِتُ لَكَ عَهْدِي - وفي نُسْخَةٍ: فَأوْحى اللَّهُ إلَيْهِ قائِلًا لَهُ: إنِّي قَدْ جَعَلْتُ مِيثاقِي مَعَكَ - وتَكُونُ أبًا لِشُعُوبٍ كَثِيرَةٍ، ولا يُدْعى اسْمُكَ فِيما بَعْدُ إبْرَمَ بَلْ يَكُونُ اسْمُكَ إبْراهِيمَ، لِأنِّي جَعَلْتُكَ أبًا لِشُعُوبٍ كَثِيرَةٍ، وأُنَمِّيكَ وأُثْرِيكَ جِدًّا جِدًّا، وأجْعَلُكَ لِلشُّعُوبِ رَئِيسًا، والمُلُوكُ مِن صُلْبِكَ يَخْرُجُونَ، وأُثْبِتُ العَهْدَ - وفي نُسْخَةٍ: وأفِي بِمِيثاقِي - بَيْنِي وبَيْنَكَ وبَيْنَ نَسْلِكَ مِن بَعْدِكَ عَهْدًا دائِمًا، وأكُونُ لَكَ إلَهًا ولِزَرْعِكَ مِن بَعْدِكَ، وأُعْطِيكَ وذُرِّيَّتَكَ مِن بَعْدِكَ أرْضَ سُكْناكَ وجَمِيعَ أرْضِ كَنْعانَ مِيراثًا إلى الأبَدِ وأكُونُ لَهم إلَهًا، وقالَ اللَّهُ لِإبْراهِيمَ: احْفَظْ عَهْدِي أنْتَ وزَرْعُكَ مِن بَعْدِكَ لِأحْقابِهِمْ، هَذا عَهْدِي الَّذِي آمُرُكم بِهِ لِتَحْفَظُوهُ لِيَكُونَ بَيْنِي وبَيْنَ نَسْلِكَ مِن بَعْدِكَ أنْ تَخْتِنُوا كُلَّ ذَكَرٍ وتَخْتِنُوا لَحْمَ غُرْلِكم ويَكُونُ عَلامَةَ العَهْدِ بَيْنِي وبَيْنَكم، ولْيُخْتَنْ كُلُّ ذَكَرٍ مِنكُمُ ابْنَ ثَمانِيَةِ أيّامٍ لِأحْقابِكم وِلادُ البَيْتِ والمُبْتاعُ بِالمالِ.
وكُلُّ مَن كانَ مِن أبْناءِ الغُرَباءِ الَّذِينَ لَيْسُوا مِن زَرْعِكَ فَلْيَخْتَتِنْ اخْتِتانَ المَوْلُودِ في بَيْتِكَ والمُبْتاعِ بِمالِكَ، ويَكُونُ عَهْدِي مِيسَمًا في أجْسادِكم عَهْدًا دائِمًا إلى الأبَدِ؛ وكُلُّ (p-١٧٦)ذَكَرٍ ذِي غُرْلَةٍ لا تَخْتِنْ غُرْلَتَهُ في اليَوْمِ الثّامِنِ فَلْتَهْلَكْ تِلْكَ النَّفْسُ مِن شَعْبِها، لِأنَّها أبْطَلَتْ عَهْدِي. وقالَ اللَّهُ لِإبْراهِيمَ: سَرى صاحِبَتُكَ، لا تَدَعْ اسْمَها سَرى لِأنَّ اسْمَها سارَةُ وأُبارِكُ فِيها، وأُعْطِيكَ مِنها ابْنًا وأُبارِكُهُ، ويَكُونُ رَئِيسًا لِشُعُوبٍ كَثِيرَةٍ ومُلُوكُ الشُّعُوبِ مِن نَسْلِهِ يَخْرُجُونَ؛ فَخَرَّ إبْراهِيمُ عَلى وجْهِهِ ضاحِكًا وقالَ في قَلْبِهِ - وفي رِوايَةٍ مُتَعَجِّبًا يَقُولُ في نَفْسِهِ - وهَلْ يُولَدُ لِابْنِ مِائَةِ سَنَةٍ ابْنٌ وسارَةُ تَلِدُ وقَدْ أتى عَلَيْها تِسْعُونَ سَنَةً ! وقالَ إبْراهِيمُ لِلَّهِ: يا لَيْتَ إسْماعِيلَ يَحْيا بَيْنَ يَدَيْكَ ! وقالَ اللَّهُ لِإبْراهِيمَ: حَقًّا - وفي نُسْخَةٍ: نَعَمْ - إنَّ سارَةَ صاحِبَتَكَ سَتَلِدُ ابْنًا وتُسَمِّيهِ إسْحاقَ، وأُثْبِتُ العَهْدَ بَيْنِي وبَيْنَهُ إلى الأبَدِ ولِذُرِّيَّتِهِ مِن بَعْدِهِ، وقَدِ اسْتَجَبْتُ لَكَ في إسْماعِيلَ فَبارَكْتُهُ وكَثَّرْتُهُ وأنْمَيْتُهُ جِدًّا جِدًّا، ويُولَدُ لَهُ اثْنا عَشَرَ عَظِيمًا، وأجْعَلُهُ رَئِيسًا لِشَعْبٍ عَظِيمٍ؛ وأُثْبِتُ عَهْدِي لِإسْحاقَ الَّذِي تَلِدُ لَكَ سارَةُ في هَذا الحِينِ مِن قابِلٍ. فَلَمّا فَرَغَ مِن كَلامِهِ ارْتَفَعَ اسْتِعْلانُ الرَّبِّ عَنْ إبْراهِيمَ، فانْطَلَقَ إبْراهِيمُ بِإسْماعِيلَ ابْنِهِ وجَمِيعِ أوْلادِ بَيْتِهِ والمُبْتاعِينَ بِما لَهُ كُلُّ ذَكَرٍ مِن بَيْتِ إبْراهِيمَ فَخَتَنَ غُرْلَهم في ذَلِكَ اليَوْمِ كَما أمَرَهُ اللَّهُ، وكانَ قَدْ أتى عَلى إبْراهِيمَ تِسْعٌ وتِسْعُونَ سَنَةً إذْ خَتَنَ غُرْلَتَهُ وكانَ قَدْ أتى إسْماعِيلُ ابْنُهُ إذِ اخْتَتَنَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وخَتَنَ (p-١٧٧)أيْضًا مَعَهُ أبْناءَ الغُرَباءِ المُشايِعِينَ ثُمَّ أكْمَلَ البِشارَةَ بِإسْحاقَ، كَما سَيَأْتِي في سُورَةِ هُودٍ إنْ شاءَ اللَّهُ تَعالى - إلى أنْ قالَ: وذَكَرَ الرَّبُّ سارَةَ كَما قالَ: وصَنَعَ اللَّهُ تَبارَكَ وتَعالى بِسارَةَ كَما وعَدَ، فَحَبِلَتْ ووَلَدَتْ لِإبْراهِيمَ ابْنًا عَلى كِبَرِهِ في الوَقْتِ الَّذِي وعَدَ اللَّهُ، فَسَمّى إبْراهِيمُ ابْنَهُ مِن سارَةَ إسْحاقَ، فَخَتَنَ إبْراهِيمُ إسْحاقَ ابْنَهُ في اليَوْمِ الثّامِنِ كَما أمَرَهُ الرَّبُّ، وكانَ إبْراهِيمُ ابْنَ مِائَةِ سَنَةٍ، فَقالَتْ سارَةُ: لَقَدْ أنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ وفَرَّحَنِي فَرَحًا عَظِيمًا، فَمَن سَمِعَ فَلْيَفْرَحْ لِي، وقالَتْ: مَن كانَ يَقُولُ لِإبْراهِيمَ: إنَّ سارَةَ تُرْضِعُ غُلامًا وتَلِدُ ابْنًا بَعْدَ الكِبَرِ؛ فَشَبَّ الغُلامُ وفُطِمَ وصَنَعَ إبْراهِيمُ يَوْمَ فُطِمَ مَأْدُبَةً عَظِيمَةً - ثُمَّ أعادَ ذِكْرَ أمْرِ سارَةَ بِإخْراجِ هاجَرَ وإبْعادِها وأنَّ هَذا شَقَّ عَلى إبْراهِيمَ جِدًّا وقالَ: فَقالَ اللَّهُ لِإبْراهِيمَ: لا يَشُقَّنَّ عَلَيْكِ حالُ الصَّبِيِّ وأمَتُكِ، فَغَدا إبْراهِيمُ باكِرًا وأخَذَ خُبْزًا وإداوَةً مِن ماءٍ فَأعْطاها هاجَرَ وحَمَلَها والصَّبِيَّ والطَّعامَ فانْطَلَقَتْ وتاهَتْ في بَرِّيَّةِ بِئْرِ سَبْعٍ - وفي نُسْخَةٍ بِئْرِ الحِلْفِ، لِأنَّ إبْراهِيمَ حالَفَ صاحِبَ تِلْكَ الأرْضِ عِنْدَها - ونَفِدَ الماءُ مِنَ الإداوَةِ فَألْقَتِ الصَّبِيَّ تَحْتَ (p-١٧٨)شَجَرَةٍ مِنَ الشِّيحِ وانْطَلَقَتْ وجَلَسَتْ قُبالَتَهُ وتَباعَدَتْ عَنْهُ كَرَمْيَةٍ بِسَهْمٍ كَيْلا تُعايِنَ مَوْتَهُ، فَلَمّا صَرَخَ الغُلامُ وبَكى سَمِعَ الرَّبُّ صَوْتَهُ فَدَعا مَلاكُ الرَّبِّ هاجَرَ مِنَ السَّماءِ وقالَ لَها: ما لَكِ يا هاجَرُ ؟ لا تَخافِي، لِأنَّ الرَّبَّ قَدْ سَمِعَ صَوْتَ الصَّبِيِّ حَيْثُ هو، قُومِي فاحْمِلِي الصَّبِيَّ وشُدِّي بِهِ يَدَيْكِ، لِأنِّي أجْعَلُهُ رَئِيسًا لِشَعْبٍ عَظِيمٍ، فَجَلّى اللَّهُ عَنْ بَصَرِها فَرَأتْ بِئْرَ ماءٍ، فانْطَلَقَتْ فَمَلَأتْ الإداوَةَ وسَقَتِ الغُلامَ، وكانَ اللَّهُ مَعَ الغُلامِ فَشَبَّ وسَكَنَ بَرِّيَّةَ فارانَ وكانَ يَتَعَلَّمُ الرَّمْيَ في تِلْكَ البَرِّيَّةِ وزَوَّجَتْهُ أُمُّهُ امْرَأةً. انْتَهى.
وفِيهِ إنَّ هَذا الكَلامَ في إخْراجِ هاجَرَ ووَلَدِها ظاهِرُهُ مُناقِضٌ لِما تَقَدَّمَ في خِتانِ إسْماعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَإنَّ فِيهِ أنَّهُ كانَ ابْنَ ثَلاثَ عَشْرَةَ سَنَةً، وهَذا ظاهِرُهُ أنَّهُ كانَ رَضِيعًا، وفي الحَدِيثِ الصَّحِيحِ“أنَّهُ وضَعَهُ عِنْدَ البَيْتِ وهو يَرْضَعُ" ويُمْكِنُ حَمْلُ هَذا عَلَيْهِ بِهَذا الكَلامِ الأخِيرِ. وأمّا الأوَّلُ فَلَمْ يَقُلْ فِيهِ إنَّهُ كانَ عِنْدَ الخِتانِ بِبَيْتِ المَقْدِسِ، فَيُمْكِنُ أنَّ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ طَوى لَهُ اللَّهُ الأرْضَ بِالبُراقِ أوْ غَيْرِهِ فَذَهَبَ إلى مَكَّةَ المُشَرَّفَةِ فَخَتَنَهُ ثُمَّ رَجَعَ. وفِيهِ بِشارَةٌ بِنَبِيِّنا مُحَمَّدٍ ﷺ أصْرَحَ مِمّا ذَكَرُوهُ وهي قَوْلُهُ: ويَتَبارَكُ بِكَ جَمِيعُ قَبائِلِ الأرْضِ، لِأنَّ ذَلِكَ لَمْ يَحْصُلْ بِأحَدٍ مِن أوْلادِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ إلّا بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَقَدْ أثْبَتَ البَرَكَةَ بِهِ ﷺ والخَيْرَ في غالِبِ قَبائِلِ (p-١٧٩)الأرْضِ، ويَكُونُ الباقِي بَعْدَ نُزُولِ عِيسى عَلَيْهِ السَّلامُ. وكَذا قَوْلُهُ: ويَدُهُ في جَمِيعِ النّاسِ، إلى آخِرِهِ، لِأنَّ إسْماعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ لَمْ يَنْقُلْ أحَدٌ أنَّ يَدَهُ كانَتْ عَلى جَمِيعِ النّاسِ، ولا حَلَّ عَلى جَمِيعِ حُدُودِ إخْوَتِهِ، ولا اتَّصَفَ مِن أوْلادِهِ أحَدٌ بِهَذا الوَصْفِ إلّا النَّبِيُّ ﷺ؛ ثُمَّ رَأيْتُ في شَرْحِ المَقاصِدِ لِلشَّيْخِ سَعْدِ الدِّينِ التَّفْتازانِيِّ وشَرْحِ الصَّحائِفِ لِلْإمامِ السَّمَرْقَنْدِيِّ التَّنْبِيهَ عَلى هَذا النَّصِّ.
{"ayah":"وَوَصَّىٰ بِهَاۤ إِبۡرَ ٰهِـۧمُ بَنِیهِ وَیَعۡقُوبُ یَـٰبَنِیَّ إِنَّ ٱللَّهَ ٱصۡطَفَىٰ لَكُمُ ٱلدِّینَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











