الباحث القرآني

ولَمّا طالَ المَدى في اسْتِقْصاءِ تَذْكِيرِهِمْ بِالنِّعَمِ ثُمَّ في بَيانِ عُوارِهِمْ وهَتْكِ أسْتارِهِمْ وخَتَمَ ذَلِكَ بِالتَّرْهِيبِ بِخَسارِهِمْ لِتَضْيِيعِ أدْيانِهِمْ بِأعْمالِهِمْ (p-١٤٥)وأحْوالِهِمْ وأقْوالِهِمْ أعادَ ما صَدَّرَ بِهِ قِصَّتَهم مِنَ التَّذْكِيرِ بِالنِّعَمِ والتَّحْذِيرِ مِن حُلُولِ النِّقَمِ يَوْمَ يُجْمَعُ الأُمَمَ ويَدُومُ فِيهِ النَّدَمُ لِمَن زَلَّتْ بِهِ القَدَمُ، لِيُعْلَمَ أنَّ ذَلِكَ فَذْلَكَةُ القِصَّةِ والمَقْصُودُ بِالذّاتِ في الحَثِّ عَلى انْتِهازِ الفُرْصَةِ في التَّفَصِّي عَنْ حُرْمَةِ النَّقْصِ إلى لَذَّةِ الرِّبْحِ بِدَوامِ الشُّكْرِ. قالَ الحَرالِّيُّ: فَلِبُعْدِهِ بِالتَّقَدُّمِ كَرَّرَهُ تَعالى إظْهارًا لِمَقْصِدِ التِئامِ آخِرِ الخِطابِ بِأوَّلِهِ ولِيُتَّخَذَ هَذا الإفْصاحُ والتَّعْلِيمُ أصْلًا لِما يُمْكِنُ أنْ يَرِدَ مِن نَحْوِهِ في سائِرِ القُرْآنِ حَتّى كَأنَّ الخِطابَ إذا انْتَهى إلى غايَةِ خاتِمَةٍ يَجِبُ أنْ يَلْحَظَ القَلْبُ بِدايَةَ تِلْكَ الغايَةِ فَيَتْلُوَها لِيَكُونَ في تِلاوَتِهِ جامِعًا لِطَرَفَيِ البِناءِ وفي تَفَهُّمِهِ جامِعًا لِمَعانِي طَرَفَيِ المَعْنى. انْتَهى. فَقالَ تَعالى: ﴿يا بَنِي إسْرائِيلَ﴾ أيْ: ولَدَ الأنْبِياءِ الأصْفِياءِ ووالِدَ الأنْبِياءِ السُّعَداءِ ﴿اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ﴾ أيِ: الشَّرِيفَةَ بِالنِّسْبَةِ إلَيَّ ﴿الَّتِي أنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ﴾ بِها في الدُّنْيا ﴿وأنِّي فَضَّلْتُكُمْ﴾ واقْتَصَرَ هُنا عَلى نِعْمَةِ التَّفْضِيلِ ولَمْ يَذْكُرِ الوَفاءَ الَّذِي هو فَضِيلَةُ النَّفْسِ الباطِنَةِ إشارَةً إلى جُمُودِهِمْ بِاقْتِصارِهِمْ عَلى النَّظَرِ في الظّاهِرِ عَلى ﴿العالَمِينَ﴾ في تِلْكَ الأزْمانِ كُلِّها بِإتْمامِ نِعْمَةِ الدُّنْيا بِشَرْعِ الدِّينِ المُقْتَضِي لِلنِّعْمَةِ في الأُخْرى، فَإنَّكم إذا ذَكَرْتُمُ النِّعْمَةَ شَكَرْتُمُوها فَقَيَّدْتُمُوها واسْتَوْجَبْتُمْ مِنَ (p-١٤٦)اللَّهِ الزِّيادَةَ في الدُّنْيا والرِّضى في العُقْبى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب