الباحث القرآني
ولَمّا جَرَتِ العادَةُ بِأنَّ المُبَشَّرَ يُسَرُّ بِالبَشِيرِ أخْبَرَ تَعالى أنَّ أهْلَ الكِتابِ في قِسْمِ المُنْذَرِينَ فَهم لا يَزالُونَ عَلَيْهِ غِضابًا فَقالَ عَطْفًا عَلى ما اقْتَضاهُ ما قَبْلَهُ: ﴿ولَنْ تَرْضى﴾ مِنَ الرِّضى وهو إقْرارٌ ما ظَهَرَ عَنْ (p-١٤٠)إرادَةِ، قالَهُ الحَرالِّيُّ.
﴿عَنْكَ اليَهُودُ ولا النَّصارى﴾ لِشَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ ﴿حَتّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ﴾ أيْ: حَتّى تَكُونَ بَشِيرًا لَهم، ولَنْ تَكُونَ بَشِيرًا لَهم حَتّى تُوافِقَهم فِيما أحْدَثُوهُ مِن أهْوائِهِمْ بِأنْ تَتَّبِعَ كِتابَهم عَلى ما بَدَّلُوا فِيهِ وحَرَّفُوا وأخْفَوْا عَلى ما أفْهَمَتْهُ إضافَةُ المِلَّةِ إلَيْهِمْ لا إلى صاحِبِها المَعْصُومِ وهو إبْراهِيمُ عَلَيْهِ السَّلامُ، ويَكُونُ ذَلِكَ بِرَغْبَةٍ مِنكَ تامَّةٍ عَلى ما أفْهَمَتْهُ صِيغَةُ الِافْتِعالِ وتَتْرُكُ كِتابَكَ النّاسِخَ لِفُرُوعِ كِتابِهِمْ، والمِلَّةُ قالَ الحَرالِّيُّ: الأخْذُ والعَمَلُ بِما في العَقْلِ هِدايَتُهُ مِن إعْلامِ المَحْسُوساتِ. ولَمّا قِيلَ ذَلِكَ اقْتَضى الحالُ سُؤالًا وهو: فَما أقُولُ ؟ فَقالَ: ﴿قُلْ﴾ ولَمْ يُقَيِّدْهُ بِلَهم إعْراضًا عَنْهم ﴿إنَّ هُدى اللَّهِ﴾ الَّذِي هو جَمِيعُ (p-١٤١)ما أنْزَلَ الجامِعُ لِصِفاتِ الكَمالِ عَلى رُسُلِهِ مِن كِتابِي وكِتابِكم ﴿هُوَ﴾ أيْ: خاصَّةُ ﴿الهُدى﴾ أيْ: كُلُّهُ مُشِيرًا بِأداةِ التَّعْرِيفِ إلى كَمالِ مَعْناهُ، وبِالحَصْرِ إلى أنَّ غَيْرَهُ هو الهَوى؛ وأضافَهُ إلى الِاسْمِ الأعْظَمِ وأكَّدَهُ بِأنَّ وأعادَهُ بِلَفْظِهِ وعَبَّرَ عَنْهُ بِالمَصْدَرِ واسْتَعْمَلَ فِيهِ ضَمِيرَ الفَصْلِ رَدًّا لِإنْكارِهِمْ لَهُ، فَإنِ اتَّبَعُوهُ كُلَّهُ فَآمَنُوا بِأنَّ كِتابَهم داعٍ إلى كِتابِكَ فَبَشِّرْهم، وإنْ لَمْ يَتَّبِعُوهُ فالزَمْ إنْذارَهم، وفي الآيَةِ إشارَةٌ إلى ذَلِكَ الكِتابِ لا رَيْبَ فِيهِ.
ثُمَّ عَطَفَ عَلى ما أفْهَمَهُ السِّياقُ مِن نَحْوِ: فَلَئِنْ زِغْتَ عَنْهُ لَتَتْرُكَنَّ الهُدى كُلَّهُ بِاتِّباعِ الهَوى، قَوْلُهُ: ﴿ولَئِنِ اتَّبَعْتَ أهْواءَهُمْ﴾ الدّاعِيَةَ لَهم إلى تَغْيِيرِ كِتابِهِمْ. قالَ الحَرالِّيُّ: فَأظْهَرَ إفْصاحًا ما أفْهَمَتْهُ إضافَةُ المِلَّةِ إلَيْهِمْ مِن حَيْثُ كانَتْ وضْعًا بِالهَوى لا هِدايَةَ نُورِ عَقْلٍ كَما هي في حَقِّ الحَنِيفِيِّينَ. انْتَهى. ولَمّا كانَ الكَلامُ هُنا في أمْرِ المِلَّةِ الَّتِي هي ظاهِرَةٌ لِلْعَقْلِ أسْقَطَ مَن وأتى بِالَّذِي بِخِلافِ ما يَأْتِي في القِبْلَةِ فَقالَ: (p-١٤٢)﴿بَعْدَ الَّذِي﴾ قالَ الحَرالِّيُّ: أشارَتْ كَلِمَةُ ”الَّذِي“ إلى مَعْنًى قَرِيبٍ مِنَ الظّاهِرِ المَحْسُوسِ كَأنَّهُ عَلَمٌ ظاهِرٌ، فَفِيهِ إنْباءٌ بِأنَّ أدْنى ما جاءَهُ مِنَ العِلْمِ مُظْهِرٌ لِإبْطالِ ما هم عَلَيْهِ في وُجُوهِ تَلْبِيسِهِمْ وأهْوائِهِمْ ﴿جاءَكَ مِنَ العِلْمِ﴾ بِأنَّهم عَلى ضَلالٍ وأنَّكَ عَلى جَمِيعِ الهُدى. وخاطَبَهم بِذَلِكَ ﷺ والمُرادُ واللَّهُ أعْلَمُ مَنِ اتَّبَعَ أهْواءَهم بَعْدَ الإسْلامِ مِنَ المُنافِقِينَ تَمَسُّكًا بِوِلايَتِهِمْ طَمَعًا في نُصْرَتِهِمْ ولِذا خَتَمَ بِقَوْلِهِ: ﴿ما لَكَ مِنَ اللَّهِ﴾ الَّذِي لَهُ الأمْرُ كُلُّهُ ولا كُفُؤَ لَهُ، وأكَّدَ النَّفْيَ بِالجارِّ فَقالَ: ﴿مِن ولِيٍّ ولا نَصِيرٍ﴾
{"ayah":"وَلَن تَرۡضَىٰ عَنكَ ٱلۡیَهُودُ وَلَا ٱلنَّصَـٰرَىٰ حَتَّىٰ تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمۡۗ قُلۡ إِنَّ هُدَى ٱللَّهِ هُوَ ٱلۡهُدَىٰۗ وَلَىِٕنِ ٱتَّبَعۡتَ أَهۡوَاۤءَهُم بَعۡدَ ٱلَّذِی جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡعِلۡمِ مَا لَكَ مِنَ ٱللَّهِ مِن وَلِیࣲّ وَلَا نَصِیرٍ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق