الباحث القرآني
ولَمّا كانَ رَسَخَ ما ذَكَرَهُ سُبْحانَهُ مِن تَمامِ قُدْرَتِهِ وعَظِيمِ مَمْلَكَتِهِ وما أظْهَرَ لِذاتِهِ المُقَدَّسِ مِنَ العِظَمِ بِتَكْرِيرِ اسْمِهِ العَلَمِ وإثْباتِ أنَّ ما سِواهُ عَدَمٌ فَتَأهَّلَتِ القُلُوبُ لِلْوَعْظِ صَدَعَها بِالتَّأْدِيبِ بِالإنْكارِ الشَّدِيدِ فَقالَ: ﴿أمْ﴾ أيْ: أتُرِيدُونَ أنْ تَرُدُّوا أمْرَ خالِقِكم في النَّسْخِ أمْ ﴿تُرِيدُونَ أنْ﴾ تَتَّخِذُوا مِن دُونِهِ إلَهًا لا يَقْدِرُ عَلى شَيْءٍ بِأنَّ ﴿تَسْألُوا رَسُولَكُمْ﴾ أنْ يَجْعَلَ لَكم إلَهًا غَيْرَهُ ﴿كَما سُئِلَ مُوسى﴾ ذَلِكَ. ولَمّا كانَ سُؤالُهم ذَلِكَ في زَمَنٍ يَسِيرٍ أثْبَتَ الجارَّ فَقالَ: ﴿مِن قَبْلُ﴾ أيْ: قَبْلَ هَذا الزَّمانِ؛ إذْ قالَ قَوْمُهُ بَعْدَ ما رَأوْا مِنَ الآياتِ وقَدْ مَرُّوا بِقَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أصْنامٍ لَهم: ﴿اجْعَلْ لَنا إلَهًا كَما لَهم آلِهَةٌ﴾ [الأعراف: ١٣٨] وقالُوا: ﴿أرِنا اللَّهَ جَهْرَةً﴾ [النساء: ١٥٣] وقالُوا: ﴿لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ (p-١٠٢)واحِدٍ﴾ [البقرة: ٦١] وكانُوا يَتَعَنَّتُونَ عَلَيْهِ في أحْكامِ اللَّهِ بِأنْواعِ التَّعَنُّتاتِ كَما تَقَدَّمَ، و”الإرادَةُ“ في الخَلْقِ نُزُوعُ النَّفْسِ لِبادٍ تَسْتَقْبِلُهُ، قالَهُ الحَرالِّيُّ. وأدَلُّ دَلِيلٍ عَلى ما قَدَّرْتُهُ قَوْلُهُ عَطْفًا عَلى ما تَقْدِيرُهُ: فَيَكْفُرُوا فَإنَّهُ مَن سَألَ ذَلِكَ فَقَدْ تَبَدَّلَ الكُفْرَ بِالإيمانِ،
﴿ومَن يَتَبَدَّلِ الكُفْرَ بِالإيمانِ﴾ أيْ: يَأْخُذُ الكُفْرَ بَدَلًا مِنَ الإيمانِ بِالإعْراضِ عَنِ الآياتِ وسُؤالِ غَيْرِها أوِ التَّمَسُّكِ بِما نُسِخَ مِنهُ، وعَبَّرَ بِالمُضارِعِ اسْتِجْلابًا لِمَن زَلَّ بِسُؤالِ شَيْءٍ مِن ذَلِكَ إلى الرُّجُوعِ بِالتَّوْبَةِ لِيَزُولَ عَنْهُ الِاسْتِمْرارُ فَيَزُولُ الضَّلالُ،
﴿فَقَدْ ضَلَّ سَواءَ السَّبِيلِ﴾ أيْ: عَدَلَهُ ووَسَطَهُ فَلَمْ يَهْتَدِ إلَيْهِ وإنْ كانَ في بَيِّناتٍ مِنهُ، فَإنَّ مَن حادَ عَنِ السَّواءِ أوْشَكَ أنْ يَبْعُدَ بُعْدًا لا سَلامَةَ مَعَهُ،
﴿وأنَّ هَذا صِراطِي مُسْتَقِيمًا فاتَّبِعُوهُ ولا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكم عَنْ سَبِيلِهِ﴾ [الأنعام: ١٥٣] وكَثِيرًا ما كانَ يَتَزَلْزَلُ طَوائِفُ مِنَ النّاسِ عِنْدَ تَبَدُّلِ الآياتِ وتَناسِي الأحْكامِ وبِحَسَبِ ما يَقَعُ في النَّفْسِ مِن تَثاقُلٍ عَنْهُ أوْ تَحامُلٍ عَلى قَبُولِهِ (p-١٠٣)يَلْحَقُهُ مِن هَذا الضَّلالِ عَنْ سَواءِ هَذا السَّبِيلِ؛ وفِيهِ إشْعارٌ بِأنَّ الخِطابَ لِلَّذِينِ آمَنُوا؛ لِأنَّ المُؤْمِنِينَ المُعَرَّفِينَ بِالوَصْفِ لا يَتَبَدَّلُ أحْوالُهم مِن إيمانٍ لِكُفْرٍ، لِأنَّ أحَدًا لا يَرْتَدُّ عَنْ دِينِهِ بَعْدَ أنْ خالَطَ الإيمانُ بِشاشَةَ قَلْبِهِ ﴿فَمَن يَكْفُرْ بِالطّاغُوتِ ويُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى لا انْفِصامَ لَها﴾ [البقرة: ٢٥٦] ﴿ومَن يُسْلِمْ وجْهَهُ إلى اللَّهِ وهو مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقى﴾ [لقمان: ٢٢] وقالَ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ: «إنَّ اللَّهَ لا يَنْتَزِعُ العِلْمَ انْتِزاعًا بَعْدَ أنْ أعْطاكُمُوهُ»، فَبِذَلِكَ يَتَّضِحُ مَواقِعُ خِطابِ القُرْآنِ مَعَ المُتَرَتِّبِينَ في أسْنانِ القُلُوبِ بِحَسَبِ الحَظِّ مِنَ الإيمانِ والإسْلامِ والإحْسانِ، قالَهُ الحَرالِّيُّ. وعَرَّفَ ”السَّبِيل“ بِأنَّهُ المُشْتَمِلُ عَلى قَوامِ السّائِرِ فِيهِ والسّالِكِ لَهُ مِن نَحْوِ الرَّعْيِ والسَّقْيِ وشِبْهِهِ، والسَّواءُ بِأنَّهُ مِنَ الشَّيْءِ أسَمْحُهُ (p-١٠٤)بِالأمْرِ الَّذِي قُصِدَ لَهُ، قالَ: ويُقالُ هو وسَطُهُ وخِيارُهُ.
{"ayah":"أَمۡ تُرِیدُونَ أَن تَسۡـَٔلُوا۟ رَسُولَكُمۡ كَمَا سُىِٕلَ مُوسَىٰ مِن قَبۡلُۗ وَمَن یَتَبَدَّلِ ٱلۡكُفۡرَ بِٱلۡإِیمَـٰنِ فَقَدۡ ضَلَّ سَوَاۤءَ ٱلسَّبِیلِ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











