الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا لِكَوْنِهِ اسْتِدْراجًا زِيادَةً في الضَّلالِ، قابَلَهُ بِقَوْلِهِ، عَطْفًا عَلى ما تَقَدَّمَ تَقْدِيرُهُ [تَسْبِيبًا عَنْ قَوْلِهِ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ [مريم: ٧٥] وهُوَ: فَيَزِيدُهُ ضَلالًا، أوْ عَلى مَوْضِعِ ﴿فَلْيَمْدُدْ﴾ [مريم: ٧٥] ]: ﴿ويَزِيدُ اللَّهُ﴾ وعَبَّرَ بِالِاسْمِ العَلَمِ إشارَةً إلى التَّجَلِّي لَهم بِجَمِيعِ الصِّفاتِ العُلى لِيَعْرِفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ ﴿الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى﴾ عِوَضَ ما زَوى عَنْهم [ومَنَعَهم -] مِنَ الدُّنْيا لِكَرامَتِهِمْ عِنْدَهُ مِمّا بَسَطَهُ لِلضُّلّالِ لِهَوانِهِ عَلَيْهِ؛ فالآيَةُ مِنَ الاحْتِباكِ: ذَكَرَ السَّعَةَ بِالمَدِّ لِلضّالِّ أوَّلًا دَلِيلًا عَلى حَذْفِ الضِّيقِ بِالمَنعِ لِلْمُهْتَدِي ثانِيًا، وزِيادَةَ الهِدايَةِ ثانِيًا دَلِيلًا عَلى حَذْفِ زِيادَةِ الضَّلالِ أوَّلًا -]، وأشارَ إلى أنَّهُ مِثْلُ ما خَذَلَ أُولَئِكَ بِالنَّوالِ، وفَّقَ هَؤُلاءِ لِمَحاسِنِ الأعْمالِ، بِإقْلالِ الأمْوالِ فَقالَ: ﴿والباقِياتُ﴾ ثُمَّ وصَفَها احْتِرازًا مِن أفْعالِ أهْلِ الضَّلالِ بِقَوْلِهِ: ﴿الصّالِحاتُ﴾ أيْ مِنَ الطّاعاتِ والمَعارِفِ الَّتِي شُرِحَتْ لَها الصُّدُورُ، (p-٢٤١)فَأنارَتْ بِها القُلُوبُ، وسَلِمَتْ مِن إحْباطِ الذُّنُوبِ، فَأوْصَلَتْ إلى عَلّامِ الغُيُوبِ ﴿خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ﴾ مِمّا مَتَّعَ بِهِ الكَفَرَةَ ومُدُّوا بِهِ - عَلى تَقْدِيرِ التَّنَزُّلِ إلى تَسْمِيَتِهِ خَيْرًا، وإضافَةُ الرَّبِّ إلَيْهِ ﷺ إشارَةٌ إلى أنَّهُ يُرَبِّيها تَرْبِيَةً تَبْلُغُ أقْصى ما يُرْضِيهِ في كُلِّ تابِعِيهِ؛ ثُمَّ بَيَّنَ جِهَةَ خَيْرِيَّةِ هَذا بِقَوْلِهِ:﴿ثَوابًا﴾ أيْ مِن جِهَةِ الثَّوابِ ﴿وخَيْرٌ مَرَدًّا﴾ أيْ مِن جِهَةِ العاقِبَةِ يَوْمَ الحَسْرَةِ وهو كالَّذِي قَبْلَهُ، أوْ عَلى قَوْلِهِمُ: الصَّيْفُ أحَرُّ مِنَ الشِّتاءِ بِمَعْنى أنَّهُ في حَرِّهِ أبْلَغُ مِنهُ في بَرْدِهِ. فالكَفَرَةُ يُرَدُّونَ إلى خَسارَةٍ وفَناءٍ، والمُؤْمِنُونَ إلى رِبْحٍ وبَقاءٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب