الباحث القرآني

ولَمّا تَبَيَّنَ بِذَلِكَ وبِما ذُكِرَ في هاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ مِمّا سَألُوا عَنْهُ ومِن غَيْرِهِ شُمُولُ عِلْمِهِ وتَمامُ قُدْرَتِهِ لا سِيَّما في إيجادِ البَشَرِ تارَةً مِنَ التُّرابِ، وتارَةً مِن ذَكَرٍ وأُنْثى في حُكْمِ العَدَمِ، وتارَةً مِن أُنْثى بِلا ذَكَرٍ، وثَبَتَ ذَلِكَ كُلُّهُ، فانْكَشَفَتِ الشُّبَهُ، وتَضاءَلَتْ مُوجِباتُ المِراءِ، وانْقَمَعَتْ مُخَيِّلاتُ الفِتَنِ، عَجِبَ مِنها في إنْكارِهِمُ البَعْثَ وهم يُشاهِدُونَ (p-٢٣٣)ما ذَكَرَ مِن قُدْرَتِهِ وعِلْمِهِ، عاطِفًا عَلى التَّعَجُّبِ في قَوْلِهِمْ ﴿وقالُوا أإذا كُنّا﴾ [الإسراء: ٤٩] تَعْجِيبًا أشَدَّ مِن ذَلِكَ فَقالَ: ﴿ويَقُولُ﴾ بِلَفْظِ المُضارِعِ المُؤْذِنِ بِالتَّجَدُّدِ بَعْدَ هَذا البَيانِ المُقْتَضِي حَتْمًا لِاعْتِقادِهِ البَعْثَ فَضْلًا عَنْ إنْكارِهِ مَرَّةً مِنَ المَرّاتِ، لِيُخْبِرَ عَنْها بِصِيغَةِ الماضِي، فَكَيْفَ بِالمُداوَمَةِ عَلى ذَلِكَ المُشارِ إلَيْها بِصِيغَةِ المُضارِعِ؛ وعَبَّرَ بِالمُفْرَدِ وإنْ كانَ لِلْجِنْسِ لِأنَّ الإنْكارَ عَلى الواحِدِ يَسْتَلْزِمُ الإنْكارَ عَلى المُتَعَدِّدِ فَقالَ: ﴿الإنْسانُ﴾ أيِ الَّذِي خَلَقْناهُ ولَمْ يَكُ شَيْئًا، مَعَ ما فَضَّلْناهُ بِهِ مِنَ العَقْلِ، ونَصَبْنا لَهُ مِنَ الدَّلائِلِ، فَشَغَلَهُ الأُنْسُ بِنَفْسِهِ عَنِ التَّأمُّلِ في كَمالِ رَبِّهِ مُنْكِرًا مُسْتَبْعِدًا: ﴿أإذا ما مِتُّ﴾ ثُمَّ دَلَّ عَلى شِدَّةِ اسْتِبْعادِهِ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ مُخْلِصًا لِلامِ الِابْتِداءِ إلى التَّوْكِيدِ سالِخًا لَها عَمّا مِن شَأْنِها الدَّلالَةُ عَلَيْهِ مِنَ الحالِ لِتُجامِعَ ما يَخْلُصُ لِلِاسْتِقْبالِ: ﴿لَسَوْفَ أُخْرَجُ﴾ أيْ يُخْرِجُنِي مُخْرِجٌ ﴿حَيًّا﴾ أيْ بَعْدَ طُولِ الرُّقادِ، وتَفَتُّتِ الأجْزاءِ والمَوادِّ، وجاءَ بِهَذِهِ التَّأْكِيداتِ لِأنَّ ما بَعْدَ المَوْتِ وقْتُ كَوْنِ الحَياةِ مُنْكَرَةً عَلى زَعْمِهِ، والعامِلُ في ”إذا“ فِعْلٌ مِن مَعْنى ”أُخْرَجُ“ لا هُوَ، لِمَنعِ لامِ الِابْتِداءِ لِعَمَلِهِ فِيما قَبْلَهُ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب