الباحث القرآني

ولَمّا كانَتِ الجَنَّةُ دارَ الحَقِّ، وكانَ أنْكَأ شَيْءٍ لِذَوِي الأقْدارِ الباطِلُ، وكانَ أقَلَّ ما يَنْكَأُ مِنهُ سَماعُهُ، نَفى ذَلِكَ عَنْها عَلى أبْلَغِ وجْهٍ فَقالَ: ﴿لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْوًا﴾ أيْ شَيْئًا ما مِنَ الباطِلِ الَّذِي لا ثَمَرَةَ لَهُ. ولَمّا كانَتِ السَّلامَةُ ضِدَّ الباطِلِ مِن كُلِّ وجْهٍ، قالَ: ﴿إلا﴾ [أيْ لَكِنْ -] ﴿سَلامًا﴾ لا عَطَبَ مَعَهُ ولا عَيْبَ ولا نَقْصَ أصْلًا فِيهِ، وأوْرَدَ عَلى صُورَةِ الِاسْتِثْناءِ مِن بابِ قَوْلِ الشّاعِرِ: ؎ولا عَيْبَ فِيهِمْ غَيْرَ أنَّ سُيُوفَهم بِهِنَّ فُلُولٌ مِن قِراعِ الكَتائِبِ (p-٢٢٧)ويَحْسُنُ أنْ يُرادَ بِاللَّغْوِ مُطْلَقُ الكَلامِ؛ قالَ في القامُوسِ: لَغا لَغْوًا: تَكَلَّمَ. أيْ لا يَسْمَعُونَ فِيها كَلامًا [إلّا -] كَلامًا يَدُلُّ عَلى السَّلامَةِ، ولا يَسْمَعُونَ شَيْئًا يَدُلُّ عَلى عَطَبِ أحَدٍ مِنهم ولا عَطَبِ شَيْءٍ فِيها. ولَمّا كانَ الرِّزْقُ مِن أسْبابِ السَّلامَةِ قالَ: ﴿ولَهم رِزْقُهُمْ﴾ أيْ عَلى قَدْرِ ما يَتَمَنَّوْنَهُ ويَشْتَهُونَهُ عَلى وجْهٍ لا بُدَّ مِن إتْيانِهِ ولا كُلْفَةَ عَلَيْهِمْ فِيهِ ولا يُمَنُّ عَلَيْهِمْ بِهِ ﴿فِيها بُكْرَةً وعَشِيًّا﴾ أيْ دَوامًا، لا يَحْتاجُونَ إلى طَلَبِهِ في وقْتٍ مِنَ الأوْقاتِ، وفي تَفْسِيرِ عَبْدِ الرَّزّاقِ عَنْ مُجاهِدٍ: ولَيْسَ فِيها بُكْرَةٌ ولا عَشِيٌّ، لَكِنَّهم يُؤْتَوْنَ بِهِ عَلى ما كانُوا يَشْتَهُونَ في الدُّنْيا. أيْ أنَّهم خُوطِبُوا بِما يَعْرِفُونَ [كَما أشارَ إلَيْهِ تَأْخِيرُ الظَّرْفِ إذْ لَوْ قُدِّمَ لَأوْهَمَ بُعْدَهم عَنْ ذَلِكَ بِالجَنَّةِ -].
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب