الباحث القرآني

ولَمّا كانَ إسْماعِيلُ عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ هو الَّذِي ساعَدَ أباهُ (p-٢١٣)إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ في بِناءِ البَيْتِ الَّذِي كانَ مِنَ الأفْعالِ الَّتِي أبْقى اللَّهُ بِها ذِكْرَهُ، وشَهَرَ أمْرَهُ وكانَ مُوافِقًا لِمُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ في ظُهُورِ آيَةِ الماءِ الَّذِي بِهِ حَياةُ كُلِّ شَيْءٍ وإنْ كانَتْ آيَةُ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ انْقَضَتْ بِانْقِضائِهِ، وآيَتُهُ هو باقِيَةٌ إلى أنْ يَرِثَ اللَّهُ الأرْضَ ومَن عَلَيْها، وهي الَّتِي كانَتْ سَبَبَ حَياتِهِ وماؤُها بِبَرَكَتِهِ أفْضَلُ مِياهِ الأرْضِ، وجَعَلَ سُبْحانَهُ آيَةَ الماءِ الَّتِي أظْهَرَها لَهُ سَبَبَ حِفْظِهِ مِنَ الجِنِّ والإنْسِ والوَحْشِ وسائِرِ المُفْسِدِينَ، إشارَةً إلى أنَّهُ سُبْحانَهُ يُحْيِي بِوَلَدِهِ مُحَمَّدٍ ﷺ - الَّذِي غَذّاهُ بِذَلِكَ الماءِ ورَبّاهُ عِنْدَ ذَلِكَ البَيْتِ إلى أنِ اصْطَفاهُ بِرِسالَتِهِ، فَحَسَدَتْهُ اليَهُودُ وأمَرَتْ بِالتَّعَنُّتِ عَلَيْهِ - ما لَمْ يَحْيَ بِغَيْرِهِ، ويَجْعَلُهُ قُطْبَ الوُجُودِ [كَما خَصَّهُ - مِن بَيْنِ آلِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِ السَّلامُ - بِالبَيْتِ الَّذِي هو كَذَلِكَ قُطْبُ الوُجُودِ -]، ويَشْفِي بِهِ مِن داءِ الجَهْلِ، ويُغْنِي بِهِ مِن مَرِيرِ الفَقْرِ، كَما جَعَلَ ماءَ زَمْزَمَ طَعامَ طُعْمٍ وشِفاءَ سُقْمٍ، وكانَ ﷺ آخِرَ مَن شَيَّدَ قَدْرَهُمْ، وأعْظَمَ مَن أعْلى ذِكْرَهُمْ، عَقَّبَ ذِكْرَهُ بِذَلِكَ فَقالَ: ﴿واذْكُرْ في الكِتابِ﴾ أباكَ الأقْرَبَ ﴿إسْماعِيلَ﴾ ابْنَ إبْراهِيمَ عَلَيْهِما السَّلامُ الَّذِي هم مُعْتَرِفُونَ بِنُبُوَّتِهِ، ومُفْتَخِرُونَ بِرِسالَتِهِ وأُبُوَّتِهِ، فَلَزِمَ بِذَلِكَ فَسادُ تَعْلِيلِهِمْ إنْكارَ نُبُوَّتِكَ بِأنَّكَ مِنَ البَشَرِ، ثُمَّ عَلَّلَ ذِكْرَهُ والتَّنْوِيهَ بِقَدْرِهِ بِقَوْلِهِ مُعْلِمًا بِصُعُوبَةِ الوَفاءِ بِالتَّأْكِيدِ: (p-٢١٤)﴿إنَّهُ كانَ﴾ جِبِلَّةً وطَبْعًا ﴿صادِقَ الوَعْدِ﴾ في حَقِّ اللَّهِ وغَيْرِهِ لِمَعُونَةِ اللَّهِ لَهُ عَلى ذَلِكَ، بِسَبَبِ أنَّهُ لا يَعِدُ وعْدًا إلّا مَقْرُونًا بِالِاسْتِثْناءِ كَما قالَ لِأبِيهِ حِينَ أخْبَرَهُ بِأمْرِ ذَبْحِهِ ﴿سَتَجِدُنِي إنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصّابِرِينَ﴾ [الصافات: ١٠٢] [فَكُنْ أبِي كَذَلِكَ -] ﴿ولا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا﴾ [الكهف: ٢٣] ﴿إلا أنْ يَشاءَ اللَّهُ﴾ [الكهف: ٢٤] وخَصَّهُ بِالمَدْحِ بِهِ - وإنْ كانَ الأنْبِياءُ كُلُّهم كَذَلِكَ - لِقِصَّةِ الذَّبْحِ فَلا يَلْزَمُ مِنهُ تَفْضِيلُهُ ﴿وكانَ رَسُولا نَبِيًّا﴾ نَبَّأهُ اللَّهُ بِأخْبارِهِ، وأرْسَلَهُ إلى قَوْمِهِ جُرْهُمٍ قالَهُ الأصْبَهانِيُّ. وأتى أهْلَ البَرارِي بِدِينِ أبِيهِ إبْراهِيمَ عَلَيْهِما الصَّلاةُ والسَّلامُ فَأحْياها اللَّهُ بِنُورِ الإيمانِ النّاشِئِ عَنْ رُوحِ العِلْمِ ووَصَفَهُ بِالرِّسالَةِ زِيادَةً عَلى وصْفِ أخِيهِ إسْحاقَ عَلَيْهِما السَّلامُ وتَقَدَّمَ في أمْرِ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ سِرُّ الجَمْعِ بَيْنَ الوَصْفَيْنِ؛ وفي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وجامِعِ التِّرْمِذِيِّ - عَنْ واثِلَةَ بْنِ الأسْقَعِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ «أنَّ اللَّهَ اصْطَفى كِنانَةَ مِن ولَدِ إسْماعِيلَ عَلَيْهِ السَّلامُ”». وفي رِوايَةِ التِّرْمِذِيِّ «“أنَّ اللَّهَ اصْطَفى مِن ولَدِ إبْراهِيمَ إسْماعِيلَ»
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب