الباحث القرآني

فَلَمّا وصَلَ إلى هَذا الحَدِّ مِنَ البَيانِ، كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: ماذا كانَ جَوابُهُ؟ فَقِيلَ: ﴿قالَ﴾ مُقابِلًا لِذَلِكَ الأدَبِ العَظِيمِ والحِكْمَةِ البالِغَةِ (p-٢٠٧)النّاشِئَةِ عَنْ لَطافَةِ العِلْمِ بِغايَةِ الفَظاظَةِ الباعِثِ عَلَيْها كَثافَةُ الجَهْلِ، مُنْكِرًا عَلَيْهِ في جَمِيعِ ما قالَ بِإنْكارِ ما بَعَثَهُ عَلَيْهِ مِن تَحْقِيرِ آلِهَتِهِ: ﴿أراغِبٌ﴾ قَدَّمَ الخَبَرَ لِشِدَّةِ عِنايَتِهِ والتَّعْجِيبِ مِن تِلْكَ الرَّغْبَةِ والإنْكارِ لَها، إشارَةً إلى أنَّهُ لا يَفْعَلُها أحَدٌ؛ ثُمَّ صَرَّحَ لَهُ بِالمُواجَهَةِ بِالغِلْظَةِ فَقالَ: ﴿أنْتَ﴾ وقالَ: ﴿عَنْ آلِهَتِي﴾ بِإضافَتِها إلى نَفْسِهِ فَقَطْ، إشارَةً إلى مُبالَغَتِهِ في تَعْظِيمِها؛ والرَّغْبَةُ عَنِ الشَّيْءِ: تَرْكُهُ عَمْدًا. ثُمَّ ناداهُ بِاسْمِهِ لا بِلَفْظِ البُنُوَّةِ المُذَكِّرِ بِالشَّفَقَةِ والعَطْفِ زِيادَةً في الإشارَةِ إلى المُقاطَعَةِ وتَوابِعِها فَقالَ: ﴿يا إبْراهِيمُ﴾ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ قَوْلَهُ مُقْسِمًا: ﴿لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ﴾ عَمّا أنْتَ عَلَيْهِ ﴿لأرْجُمَنَّكَ﴾ أيْ لَأقْتُلَنَّكَ، فَإنَّ ذَلِكَ جَزاءُ المُخالَفَةِ في الدِّينِ، فاحْذَرْنِي ولا تَتَعَرَّضْ لِذَلِكَ مِنِّي وانْتَهِ ﴿واهْجُرْنِي﴾ أيِ ابْعُدْ عَنِّي ﴿مَلِيًّا﴾ أيْ زَمانًا طَوِيلًا [لِأجْلِ ما صَدَرَ مِنكَ هَذا الكَلامُ -]، وفي ذَلِكَ تَسْلِيَةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ وتَأْسِيَةٌ فِيما كانَ يَلْقى مِنَ الأذى، ويُقاسِي مِن قَوْمِهِ مِنَ العَناءِ، ومِن عَمِّهِ أبِي لَهَبٍ مِنَ الشَّدائِدِ والبَلايا - بِأعْظَمِ آبائِهِ وأقْرَبِهِمْ بِهِ شَبَهًا
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب