الباحث القرآني

ولَمّا كانَ ذَلِكَ المَشْهَدُ عَظِيمَ الجَمْعِ، شَدِيدَ الزِّحامِ، مُسْتَوى الأرْضِ، بَعِيدَ الأرْجاءِ، كانَ حالُهُ مُقْتَضِيًا لِئَلّا يَطَّلِعُوا عَلى غَيْرِ ما يَلِيهِمْ مِن أهْوالِهِ، فَقالَ في جَوابِ مَن يَقُولُ: وما عَسى أنْ يَسْمَعُوا أوْ يُبْصِرُوا فِيهِ، مُعْلِمًا بِأنَّ حالَهم في شِدَّةِ السَّمْعِ والبَصَرِ جَدِيرَةٌ بِأنْ يُعْجَبَ مِنها: ﴿أسْمِعْ بِهِمْ وأبْصِرْ﴾ أيْ ما أشَدَّ سَمْعَهم وما أنْفَذَ بَصَرَهُمْ! ﴿يَوْمَ يَأْتُونَنا﴾ سامِعِينَ لِكُلِّ أهْوالِهِ، مُبْصِرِينَ لِسائِرِ أحْوالِهِ، فَيَطَّلِعُونَ بِذَلِكَ عَلى جَمِيعِ ما أدّى عَمَلُهُ في الدُّنْيا إلى ضُرِّهِمْ في ذَلِكَ اليَوْمِ، وجَمِيعِ ما كانَ يَنْفَعُهم لَوْ عَمِلُوهُ، فَيَنْدَمُونَ حَيْثُ لا يَنْفَعُهُمُ النَّدَمُ، ويَتَمَنَّوْنَ المُحالَ مِنَ الرُّجُوعِ إلى الدُّنْيا ونَحْوِهِ لِيَتَدارَكُوا فَلا يُجابُونَ إلى ذَلِكَ، بَلْ يَسْلُكُ بِهِمْ في كُلِّ (p-٢٠٠)ما يُؤْذِيهِمْ ويُهْلِكُهم ويُرْدِيهِمْ، فَيَكُونُونَ بِسُلُوكِ ذَلِكَ - وهم يَعْلَمُونَ ضَرَرَهُ عُمْيًا وبُكْمًا وصُمًّا، لِأنَّهم لا يَنْتَفِعُونَ بِمَدارِكِهِمْ كَما كانُوا في الدُّنْيا كَذَلِكَ، لَكِنَّهم - هَكَذا كانَ الأصْلُ، وإنَّما أظْهَرَ فَقالَ: ﴿لَكِنِ الظّالِمُونَ﴾ تَنْبِيهًا عَلى الوَصْفِ الَّذِي أحَلَّهم ذَلِكَ المَحَلَّ ﴿اليَوْمَ في ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ [لا -] يَسْمَعُونَ ولا يُبْصِرُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب