الباحث القرآني

ولَمّا كانَ في ذَلِكَ مِن أقْوالِ عِيسى وأحْوالِهِ - المُنادِيَةِ بِالحاجَةِ لِلتَّنَقُّلِ في أطْوارِ غَيْرِهِ مِنَ البَشَرِ والكَرامَةِ مِنَ اللَّهِ - أعْظَمُ البَيانِ عَنْ بُعْدِهِ عَمّا ادَّعى فِيهِ النَّصارى مِنَ الإلَهِيَّةِ واليَهُودُ مِن أنَّهُ لِغَيْرِ رُشْدِهِ، نَبَّهَ عَلى ذَلِكَ مُشِيرًا إلَيْهِ بِأداةِ البُعْدِ فَقالَ مُبْتَدِئًا: ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ الوَلَدُ العَظِيمُ الشَّأْنِ، العَلِيُّ الرُّتْبَةِ، الَّذِي هَذِهِ أحْوالُهُ وأقْوالُهُ البَعِيدَةُ عَنْ صِفَةِ الإلَهِ [وصِفَةِ مَنِ ارْتابَ في أمْرِهِ -]؛ ثُمَّ بَيَّنَ اسْمَ الإشارَةِ أوْ أخْبَرَ فَقالَ: ﴿عِيسى ابْنُ مَرْيَمَ﴾ أيْ وحْدَها لَيْسَ لِغَيْرِها فِيهِ بُنُوَّةٌ أصْلًا، وهي مِن أوْلادِ آدَمَ، فَهو كَذَلِكَ؛ ثُمَّ عَظَّمَ هَذا البَيانَ تَعْظِيمًا آخَرَ فَقالَ: ﴿قَوْلَ﴾ أيْ هو - أيْ نِسْبَتُهُ إلى مَرْيَمَ فَقَطْ - قَوْلُ ﴿الحَقِّ﴾ أيِ الَّذِي يُطابِقُهُ الواقِعُ، أوْ يَكُونُ القَوْلُ عِيسى نَفْسَهُ كَما أطْلَقَ عَلَيْهِ في غَيْرِ هَذا المَوْضِعِ ”كَلِمَةً“ مِن تَسْمِيَةِ المُسَبَّبِ بِاسْمِ السَّبَبِ وهو عَلى هَذِهِ (p-١٩٦)القِراءَةِ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ أوْ بَدَلٌ أوْ خَبَرُ مُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ، [وعَلى قِراءَةِ عاصِمٍ وابْنِ عامِرٍ بِالنَّصْبِ، هو إغْراءٌ، أيِ الزَمُوا ذَلِكَ وهو نِسْبَتُهُ إلى مَرْيَمَ عَلَيْهِما السَّلامُ وحْدَها -] ثُمَّ عَجِبَ مِن ضَلالِهِمْ فِيهِ بِقَوْلِهِ: ﴿الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ﴾ أيْ يَشُكُّونَ [شَكًّا يَتَكَلَّفُونَهُ ويُجادِلُونَهُ بِهِ -] مَعَ أنَّ أمْرَهُ في غايَةِ الوُضُوحِ، لَيْسَ مَوْضِعًا لِلشَّكِّ أصْلًا؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب