الباحث القرآني

﴿فَأجاءَها﴾ أيْ فَأتى بِها وألْجَأها ﴿المَخاضُ﴾ وهو تَحَرُّكُ الوَلَدِ في بَطْنِها لِلْوِلادَةِ ﴿إلى جِذْعِ النَّخْلَةِ﴾ وهو ما بَرَزَ [مِنها -] مِنَ الأرْضِ ولَمْ يَبْلُغِ الأغْصانَ، وكانَ تَعْرِيفُها لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ في تِلْكَ البِلادِ البارِدَةِ غَيْرُها، فَكانَتْ كالعَلَمِ لِما فِيها مِنَ العَجَبِ، لِأنَّ النَّخْلَ مِن أقَلِّ الأشْجارِ صَبْرًا عَلى البَرْدِ، ولَعَلَّها أُلْجِئَتْ إلَيْها دُونَ غَيْرِها مِنَ الأشْجارِ عَلى كَثْرَتِها لِمُناسَبَةِ حالِ النَّخْلَةِ لَها، لِأنَّها لا تَحْمِلُ إلّا بِإلْقاحٍ مِن ذُكُورِ النَّخْلِ، فَحَمْلُها بِمُجَرَّدِ هَزِّها أنْسَبُ شَيْءٍ لِإتْيانِها بِوَلَدٍ مِن غَيْرِ والِدٍ، فَكَيْفَ إذا كانَ ذَلِكَ في غَيْرِ وقْتِهِ! فَكَيْفَ إذا كانَتْ يابِسَةً! مَعَ ما لَها فِيها مِنَ المَنافِعِ بِالِاسْتِنادِ إلَيْها والِاعْتِمادِ عَلَيْها، وكَوْنِ رُطَبِها خُرْسَةً لِلنُّفَساءِ وغايَةً في نَفْعِها وغَيْرِ ذَلِكَ. (p-١٨٨)ولَمّا كانَ ذَلِكَ أمْرًا صَعْبًا عَلَيْها جِدًّا، كانَ كَأنَّهُ قِيلَ: يا لَيْتَ شِعْرِي! ما كانَ حالُها؟ فَقِيلَ: ﴿قالَتْ﴾ لِما حَصَلَ عِنْدَها مِن خَوْفِ العارِ: ﴿يا لَيْتَنِي مِتُّ﴾ ولَمّا كانَتْ كَذَلِكَ أشارَتْ إلى اسْتِغْراقِ الزَّمانِ بِالمَوْتِ بِمَعْنى عَدَمِ الوُجُودِ فَقالَتْ مِن غَيْرِ جارٍّ: ﴿قَبْلَ هَذا﴾ [أيِ -] الأمْرِ العَظِيمِ ﴿وكُنْتُ نَسْيًا﴾ أيْ شَيْئًا مِن شَأْنِهِ أنْ يُنْسى ﴿مَنسِيًّا﴾ أيْ مَتْرُوكًا بِالفِعْلِ لا يَخْطُرُ عَلى بالٍ، فَوَلَدَتْهُ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب