الباحث القرآني

﴿حَتّى إذا بَلَغَ﴾ في مَسِيرِهِ ذَلِكَ ﴿بَيْنَ السَّدَّيْنِ﴾ أيِ الجَبَلَيْنِ المانِعَيْنِ مَن وراءَهُما مِنَ الوُصُولِ مِنهُما إلى مَن أمامَهُما وهُما بِمُنْقَطِعِ أرْضِ التُّرْكِ مِمّا يَلِي بِلادَ أرْمِينِيَّةَ وآذْرَبَيْجانَ، أمْلَسانِ يَزْلَقُ عَلَيْهِما كُلُّ شَيْءٍ؛ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ وأبُو عَمْرٍو وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ بِفَتْحِ السِّينِ، والباقُونَ بِضَمِّهِما، فَقِيلَ: هُما بِمَعْنىً واحِدٍ، وقِيلَ: المَضْمُومُ مِن فِعْلِ اللَّهِ، والمَفْتُوحُ مِن فِعْلِ النّاسِ. ﴿وجَدَ مِن دُونِهِما﴾ أيْ بِقُرْبِهِما مِنَ الجانِبِ الَّذِي هو أدْنى مِنهُما إلى الجِهَةِ الَّتِي أتى مِنها ذُو القَرْنَيْنِ (p-١٣٤)﴿قَوْمًا﴾ أيْ أقْوِياءَ لُغَتُهم في غايَةِ البُعْدِ مِن لُغاتِ بَقِيَّةِ النّاسِ لِبُعْدِ بِلادِهِمْ مِن بَقِيَّةِ البِلادِ، فَهم لِذَلِكَ ﴿لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلا﴾ أيْ لا يَقْرُبُونَ مِن أنْ يَفْهَمُوهُ مِمَّنْ مَعَ ذِي القَرْنَيْنِ فَهْمًا جَيِّدًا كَما يَفْهَمُ غَيْرُهُمْ، ودَلَّ وصْفُهم بِما يَأْتِي عَلى أنَّهم يَفْهَمُونَ فَهْمًا ما بَعْدَ بُعْدٍ ومُحاوَلَةٍ طَوِيلَةٍ، لِعَدَمِ ماهِرٍ بِلِسانِهِمْ مِمَّنْ مَعَ ذِي القَرْنَيْنِ، وعَدَمِ ماهِرٍ مِنهم بِلِسانِ أحَدٍ مِمَّنْ مَعَهُ، وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ بَيْنَهم وبَيْنَ بَقِيَّةِ سُكّانِ الأرْضِ غَيْرِ يَأْجُوجَ ومَأْجُوجَ بَرارِيَ شاسِعَةً، وفَيافِيَ واسِعَةً، مَنَعَتْ مِنَ اخْتِلاطِهِمْ بِهِمْ، وأنَّ تَطَيُّعَهم بِلِسانِ غَيْرِهِمْ بَعِيدٌ جِدًّا لِقِلَّةِ حِفْظِهِمْ لِخُرُوجِ بِلادِهِمْ عَنْ حَدِّ الِاعْتِدالِ، أوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ، ويَلْزَمُ مِن ذَلِكَ أنَّهم لا يَكادُونَ يُفْهِمُونَ غَيْرَهم شَيْئًا مِن كَلامِهِمْ، وذَلِكَ مَعْنى قِراءَةِ حَمْزَةَ والكِسائِيِّ بِضَمِّ التَّحْتانِيَّةِ وكَسْرِ القافِ، ودَلَّ عَلى [أنَّ -] عَدَمَ فَهْمِهِمْ وإفْهامِهِمْ مُقَيَّدٌ بِما مَضى قَوْلُهُ:
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب