الباحث القرآني

ولَمّا تَشارَطا وتَراضَيا عَلى الشَّرْطِ سَبَّبَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فانْطَلَقا﴾ أيْ مُوسى والخَضِرُ عَلَيْهِما السَّلامُ عَلى السّاحِلِ، يَطْلُبانِ سَفِينَةً يَرْكَبانِ فِيها واسْتَمَرّا ﴿حَتّى إذا رَكِبا في السَّفِينَةِ﴾ وأجابَ الشَّرْطَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿خَرَقَها﴾ وعَرَّفَها لِإرْشادِ السِّياقِ بِذِكْرِ مَجْمَعِ البَحْرَيْنِ إلى أنَّ (p-١١١)انْطِلاقَهُما [كانَ -] لِطَلَبِ سَفِينَةٍ، فَكانَتْ لِذَلِكَ كَأنَّها مُسْتَحْضَرَةٌ في الذِّهْنِ، ولَمْ يَقْرِنْ ”خَرَقَ“ بِالفاءِ لِأنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسَبَّبًا عَنِ الرُّكُوبِ ولا كانَ في أوَّلِ أحْيانِهِ؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ قَوْلَهُ تَعالى: ﴿قالَ﴾ أيْ مُوسى عَلَيْهِ السَّلامُ، مُنْكِرًا لِذَلِكَ لِما في ظاهِرِهِ مِنَ الفَسادِ بِإتْلافِ المالِ المُفْضِي إلى فَسادٍ أكْبَرَ مِنهُ بِإهْلاكِ النُّفُوسِ، [ناسِيًا -] لِما عَقَدَ عَلى نَفْسِهِ لِما دَهَمَهُ مِمّا عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ - وهو الإلَهُ العَظِيمُ - مِنَ العَهْدِ الوَثِيقِ المُكَرَّرِ في جَمِيعِ أسْفارِ التَّوْراةِ بَعْدَ إثْباتِهِ في لَوْحَيِ الشَّهادَةِ في العَشْرِ كَلِماتٍ الَّتِي نِسْبَتُها مِنَ التَّوْراةِ كَنِسْبَةِ الفاتِحَةِ مِنَ القُرْآنِ بِالأمْرِ القَطْعِيِّ أنَّهُ لا يُقِرُّ عَلى مُنْكَرٍ، ومِنَ المُقَرَّرِ أنَّ النَّهْيَ واجِبٌ عَلى الفَوْرِ، عَلى أنَّهُ لَوْ لَمْ يَنْسَ لَمْ يَتْرُكِ الإنْكارَ، كَما فَعَلَ عِنْدَ قَتْلِ الغُلامِ، لِأنَّ مِثْلَ ذَلِكَ غَيْرُ داخِلٍ في الوَعْدِ، لِأنَّ المُسْتَثْنى شَرْعًا كالمُسْتَثْنى وضْعًا، فَفي الأُولى نَسِيَ الشَّرْطَ، وفي الثّانِيَةِ نَسِيَ - لِما دَهَمَهُ مِن فَظاعَةِ القَتْلِ الَّذِي لَمْ [يَعْلَمْ -] فِيهِ مِنَ اللَّهِ أمْرًا - أنَّهُ يَنْبَغِي تَقْلِيدُهُ لِثَناءِ اللَّهِ تَعالى عَلَيْهِ: ﴿أخَرَقْتَها﴾ وبَيَّنَ عُذْرَهُ في الإنْكارِ بِما في غايَةِ الخَرْقِ مِنَ الفَظاعَةِ فَقالَ: ﴿لِتُغْرِقَ أهْلَها﴾ واللَّهِ! ﴿لَقَدْ جِئْتَ شَيْئًا إمْرًا﴾ أيْ عَظِيمًا [مُنْكَرًا عَجِيبًا شَدِيدًا -]
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب