الباحث القرآني

وفي هَذا الأمْرِ مِن هَذِهِ القِصَّةِ قاصِمَةٌ لِلسّائِلِينَ والآمِرِينَ لَهم بِالسُّؤالِ، لِأنَّ المُرادَ - واللَّهُ أعْلَمُ - أنَّ هَذا الأمْرَ وقَعَ لِنَبِيِّ هَؤُلاءِ المُضِلِّينَ، فَمُرْ قُرَيْشًا أنْ يَسْألُوهم عَنْ هَذِهِ القِصَّةِ، فَإنْ أخْبَرُوهم عَنْها بِمِثْلِ ما أخْبَرْتَهم فَصَدَّقُوهُمْ، لَزِمَهم أنْ يُؤْمِنُوا بِالبَعْثِ لِأمْرِ هَذا الحُوتِ الَّذِي أحْياهُ اللَّهُ بَعْدَ أنْ كانَ مَشْوِيًّا وصارَ كَثِيرٌ مِنهُ في البُطُونِ، وإنْ لَمْ يُصَدِّقُوهم في هَذا وصَدَّقُوهم في غَيْرِهِ مِمّا يَتَعَنَّتُونَ بِهِ عَلَيْكَ فَهو تَحَكُّمٌ، وإنْ كانُوا يَتَّهِمُونَهم في كُلِّ أمْرٍ كانَ سُؤالُهم [لَهم -] عَبَثًا، لَيْسَ [مِن -] أفْعالِ مَن يَعْقِلُ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: [فَما -] قالَ مُوسى حِينَئِذٍ؟ فَقِيلَ: ﴿قالَ﴾ مُنَبِّهًا عَلى أنَّ ذَلِكَ لَيْسَ مِنَ الشَّيْطانِ، وإنَّما هو إغْفالٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى بِغَيْرِ واسِطَةٍ لِيَجِدا العَلامَةَ الَّتِي أخْبَرَهُ اللَّهُ بِها كَما قالَ النَّبِيُّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ: «إنِّي لَأنْسى - أيْ يُنْسِينِي اللَّهُ تَعالى - لِأسُنَّ» ﴿ذَلِكَ﴾ أيِ الأمْرُ العَظِيمُ مِن فَقْدِ الحُوتِ ﴿ما كُنّا نَبْغِ﴾ (p-١٠٦)أيْ نُرِيدُ مِن هَذا الأمْرِ المُغَيَّبِ عَنّا، فَإنَّ اللَّهَ تَعالى جَعَلَهُ مَوْعِدًا لِي في لِقاءِ الخَضِرِ ﴿فارْتَدّا عَلى آثارِهِما﴾ يَقُصّانِها ﴿قَصَصًا﴾ وهَذا يَدُلُّ عَلى أنَّ الأرْضَ كانَتْ رَمْلًا، لا عَلَمَ فِيها، فالظّاهِرُ - واللَّهُ أعْلَمُ - أنَّهُ مَجْمَعُ النِّيلِ والمِلْحِ الَّذِي عِنْدَ دِمْياطَ، أوْ رَشِيدٍ مِن بِلادِ مِصْرَ، ويُؤَيِّدُهُ نَقْرُ العُصْفُورِ في البَحْرِ الَّذِي رَكِبا في سَفِينَتِهِ لِلتَّغْذِيَةِ - كَما في الحَدِيثِ، فَإنَّ الطَّيْرَ لا يَشْرَبُ مِنَ المِلْحِ، ومِنَ المَشْهُورِ في بِلادِ رَشِيدٍ أنَّ الأمْرَ كانَ عِنْدَهُمْ، وأنَّ عِنْدَهم سَمَكًا ذاهِبَ الشَّقِّ يَقُولُونَ: أنَّهُ مِن نَسْلِ تِلْكَ السَّمَكَةِ - واللَّهُ أعْلَمُ. فاسْتَمَرّا يَقُصّانِ حَتّى انْتَهَيا إلى مَوْضِعِ فَقْدِ الحُوتِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب