الباحث القرآني

ولَمّا كانَ الكَلامُ في قُوَّةِ أنْ يُقالَ: صَرَّفْنا هَذِهِ الأخْبارَ بِما أشارَتْ (p-٨٨)إلَيْهِ مِنَ الأسْرارِ الكِبارِ، فَقامَتْ دَلائِلُ الشَّرِيعَةِ الجَلائِلُ، وأضاءَتْ بِها جَواهِرُ المَعانِي الزَّواهِرِ، عَطَفَ عَلى ذَلِكَ: ﴿ولَقَدْ صَرَّفْنا﴾ أيْ بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ. ولَمّا كانَتْ هَذِهِ السُّورَةُ في وصْفِ الكِتابِ، اقْتَضى الِاهْتِمامُ بِهِ تَقْدِيمَهُ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فِي هَذا القُرْآنِ﴾ أيِ القَيِّمِ الَّذِي لا عِوَجَ فِيهِ، مَعَ جَمْعِهِ لِلْمَعانِي ونَشْرِهِ الفارِقِ بَيْنَ المُلْبِساتِ ﴿لِلنّاسِ﴾ أيِ المُزَلْزَلِينَ فَضْلًا عَنِ الثّابِتِينَ ﴿مِن كُلِّ مَثَلٍ﴾ أيْ حَوَّلْنا الكَلامَ وطَرَقْناهُ في كُلِّ وجْهٍ مِن وُجُوهِ المَعانِي وألْبَسْناهُ مِنَ العِباراتِ الرّائِقَةِ، والأسالِيبِ المُتَناسِقَةِ، ما سارَ بِها في غَرابَتِهِ كالمَثَلِ، يَقْبَلُهُ كُلُّ مَن يَسْمَعُهُ، وتُضْرَبُ بِهِ آباطُ الإبِلِ في سائِرِ البِلادِ، بَيْنَ العِبادِ، فَتَبْشَرُ بِهِ قُلُوبُهُمْ، وتَلْهَجُ بِهِ ألْسِنَتُهُمْ، فَلَمْ يَتَقَبَّلُوهُ وجادَلُوا فِيهِ؛ ثُمَّ نَبَّهَ عَلى الوَصْفِ المُقْتَضِي لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وكانَ الإنْسانُ﴾ الَّذِي جُعِلَ خَصِيمًا وهو آنَسُ بِنَفْسِهِ جِبِلَّةً وطَبْعًا ﴿أكْثَرَ شَيْءٍ﴾ ومَيَّزَ الأكْثَرِيَّةَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿جَدَلا﴾ لِأنَّهُ لَمْ يَنْتَهِ عَنِ الجَدَلِ بَعْدَ هَذا البَيانِ، الَّذِي أضاءَ جَمِيعَ الأكْوانِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب