الباحث القرآني

ولَمّا أنْتَجَ هَذا المَثَلُ قَطْعًا أنَّهُ لا أمْرَ لِغَيْرِ اللَّهِ المَرْجُوِّ لِنَصْرِ أوْلِيائِهِ بَعْدَ ذُلِّهِمْ، ولِإغْنائِهِمْ بَعْدَ فَقْرِهِمْ، [ولِإذْلالِ أعْدائِهِ بَعْدَ عِزِّهِمْ وكِبْرِهِمْ -]، وإفْقارِهِمْ بَعْدَ إغْنائِهِمْ وجَبْرِهِمْ، وأنَّ غَيْرَهُ إنَّما هو كالخَيالِ لا حَقِيقَةَ لَهُ، صَرَّحَ بِذَلِكَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿هُنالِكَ﴾ أيْ في مِثْلِ هَذِهِ الشَّدائِدِ العَظِيمَةِ ﴿الوَلايَةُ﴾ أيِ النُّصْرَةُ - عَلى قِراءَةِ الفَتْحِ، والسُّلْطانُ - عَلى الكَسْرِ، [وهِيَ قِراءَةُ حَمْزَةَ (p-٦٦)والكِسائِيِّ، والفَتْحُ لِغَيْرِهِما، وهُما بِمَعْنىً واحِدٍ، وهو المَصْدَرُ كَما صَدَرَ بِهِ في القامُوسِ-]. ”لِلَّهِ“ [أيِ -] الَّذِي لَهُ الكَمالُ كُلُّهُ ﴿الحَقِّ﴾ [أيِ -] الثّابِتِ الَّذِي لا يَحُولُ يَوْمًا ولا يَزُولُ، ولا يَغْفُلُ ساعَةً ولا يَنامُ، ولا وِلايَةَ لِغَيْرِهِ بِوَجْهٍ - هَذا عَلى قِراءَةِ الجَماعَةِ بِالجَرِّ [عَلى الوَصْفِ -] وهو في قِراءَةِ أبِي عَمْرٍو والكِسائِيِّ بِالرَّفْعِ عَلى الِاسْتِئْنافِ والقَطْعِ تَقْلِيلًا، تَنْبِيهًا عَلى أنَّ فَزَعَهم في مِثْلِ هَذِهِ الأزَماتِ إلَيْهِ دُونَ غَيْرِهِ بُرْهانٌ قاطِعٌ عَلى أنَّهُ الحَقُّ وما سِواهُ باطِلٌ، وأنَّ الفَخْرَ بِالعَرَضِ الزّائِلِ مِن أجْهَلِ الجَهْلِ، وأنَّ المُؤْمِنِينَ لا يَعِيبُهم فَقْرُهم ولا يَسُوغُ طَرْدُهم لِأجْلِهِ، وأنَّهُ يُوشِكُ أنْ يَعُودَ فَقْرُهم غِنىً وضَعْفُهم قُوَّةً. ولَمّا عُلِمَ مِن ذَلِكَ أنَّهُ آخِذٌ بِأيْدِي عَبِيدِهِ [الأبْرارِ -] وعَلى أيْدِي عُصاتِهِ الأشْرارِ، قالَ تَعالى: ﴿هُوَ خَيْرٌ ثَوابًا﴾ لِمَن أثابَهُ ﴿وخَيْرٌ عُقْبًا﴾ أيْ عاقِبَةً عَظِيمَةً، فَإنَّ فُعُلًا - بِضَمَّةٍ وبِضَمَّتَيْنِ - مِن صِيَغِ جُمُوعِ الكَثْرَةِ فَيُفِيدُهُ ذَلِكَ مُبالَغَةً وإنْ لَمْ يَكُنْ جَمْعًا، والمَعْنى (p-٦٧)أنَّهُ [أيْ ثَوابَهُ -] -لِأوْلِيائِهِ خَيْرُ ثَوابٍ وعُقْباهُ خَيْرُ عُقْبى.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب