الباحث القرآني

﴿أُولَئِكَ﴾ أيِ العالُو الرُّتْبَةِ ﴿لَهم جَنّاتُ عَدْنٍ﴾ أيْ إقامَةٍ، فَكَأنَّهُ قِيلَ: ما لَهم فِيها؟ فَقِيلَ: ﴿تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ﴾ أيْ تَحْتِ مَنازِلِهِمْ ﴿الأنْهارُ﴾ فَكَأنَّهُ قِيلَ: ثُمَّ ماذا؟ فَقِيلَ: ﴿يُحَلَّوْنَ فِيها﴾ (p-٥٥)وبَنى الفِعْلَ لِلْمَجْهُولِ لِأنَّ القَصْدَ وُجُودُ التَّحْلِيَةِ، وهي لِعِزَّتِها إنَّما يُؤْتى بِها مِنَ الغَيْبِ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ تَعالى. ولَمّا كانَ [اللَّهُ أعْظَمَ مِن كُلِّ شَيْءٍ، فَكانَتْ نِعَمُهُ لا يُحْصى نَوْعٌ مِنها، قالَ تَعالى مُبَعِّضًا: ﴿مِن أساوِرَ﴾ جَمْعِ أسْوِرَةٍ جَمْعِ سَوارٍ، كَما يَلْبَسُ ذَلِكَ مُلُوكُ الدُّنْيا مِن جَبابِرَةِ الكَفَرَةِ في بَعْضِ الأقالِيمِ كَأهْلِ فارِسَ. ولَمّا كانَ لِمَقْصُودِها نَظَرٌ إلى التَّفْضِيلِ والفِعْلِ بِالِاخْتِيارِ عَلى الإطْلاقِ، وقَعَ التَّرْغِيبُ في طاعَتِهِ بِما [هُوَ -] أعْلى مِنَ الفِضَّةِ فَقالَ مُبَعِّضًا أيْضًا: ﴿مِن ذَهَبٍ﴾ أيْ ذَهَبٍ هو في غايَةِ العَظَمَةِ. ولَمّا كانَ اللِّباسُ جَزاءَ [العَمَلِ -] وكانَ مَوْجُودًا عِنْدَهُمْ، أسْنَدَ الفِعْلَ إلَيْهِمْ فَقالَ تَعالى: ﴿ويَلْبَسُونَ ثِيابًا خُضْرًا﴾ ثُمَّ وصَفَها بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِن سُنْدُسٍ﴾ وهو ما رَقَّ مِنَ الدِّيباجِ ﴿وإسْتَبْرَقٍ﴾ وهو ما غَلُظَ مِنهُ؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الوَصْفَ عَنْ حالِ جُلُوسِهِمْ فِيها بِأنَّهُ جُلُوسُ المُلُوكِ المُتَمَكِّنِينَ مِنَ النَّعِيمِ فَقالَ تَعالى: ﴿مُتَّكِئِينَ فِيها﴾ أيْ لِأنَّهم في غايَةِ الرّاحَةِ ﴿عَلى الأرائِكِ﴾ أيِ الأسِرَّةِ عَلَيْها [الحَجَلُ -]، ثُمَّ مَدَحَ هَذا فَقالَ تَعالى: ﴿نِعْمَ الثَّوابُ﴾ أيْ هو لَوْ لَمْ يَكُنْ لَها وصْفٌ غَيْرُ ما سَمِعْتُمْ فَكَيْفَ ولَها مِنَ الأوْصافِ (p-٥٦)ما لا يَعْلَمُهُ حَقَّ عِلْمِهِ إلّا اللَّهُ تَعالى! وإلى ذَلِكَ أشارَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وحَسُنَتْ﴾ أيِ الجَنَّةُ كُلُّها، ومَيَّزَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعالى: ﴿مُرْتَفَقًا﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب