الباحث القرآني

﴿إلا﴾ قَوْلًا كائِنًا مَعَهُ ﴿أنْ يَشاءَ﴾ في المُسْتَقْبَلِ ذَلِكَ الشَّيْءَ ”اللَّهُ“ أيْ مَقْرُونًا بِمَشِيئَةِ المَلِكِ الأعْلى الَّذِي لا أمْرَ لِأحَدٍ مَعَهُ سُبْحانَهُ تَعْظِيمًا لِلَّهِ أنْ يُقْطَعَ شَيْءٌ دُونَهُ واعْتِرافًا بِأنَّهُ لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِهِ، ولِأنَّهُ إنْ قِيلَ ذَلِكَ دُونَ اسْتِثْناءٍ فاتَ قَبْلَ الفِعْلِ أوْ عاقَهُ عَنْهُ عائِقٌ كانَ كَذِبًا مُنَفِّرًا عَنِ القائِلِ. ولَمّا كانَ النِّسْيانُ مِن شَأْنِ الإنْسانِ وهو غَيْرُ مُؤاخَذٍ بِهِ قالَ تَعالى: ﴿واذْكُرْ رَبَّكَ﴾ أيِ المُحْسِنَ إلَيْكَ بِرَفْعِ المُؤاخَذَةِ حالَ النِّسْيانِ ﴿إذا نَسِيتَ﴾ الِاسْتِثْناءَ بِالِاسْتِعانَةِ والتَّوَكُّلِ عَلَيْهِ وتَفْوِيضِ الأمْرِ كُلِّهِ بِأنْ تَقُولَ: إنْ شاءَ اللَّهُ، ونَحْوَها في أيِّ وقْتٍ تَذَكَّرْتَ؛ وأخْرَجَ الطَّبَرانِيُّ في مُعْجَمِهِ الأوْسَطِ في تَرْجَمَةِ مُحَمَّدِ بْنِ الحارِثِ الجُبَيْلِيِّ - بِضَمِّ الجِيمِ وفَتْحِ المُوَحَّدَةِ - عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أنَّ هَذا خاصٌّ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ ولَيْسَ لِأحَدٍ مِنّا أنْ يَسْتَثْنِيَ إلّا بِصِلَةِ اليَمِينِ. ثُمَّ عَطَفَ (p-٤٥)عَلى ما أفْهَمَهُ الكَلامُ وهُوَ: فَقُلْ إذا نَسِيتَ: إنِّي فاعِلٌ [ذَلِكَ -]غَدًا إنْ شاءَ اللَّهُ - ونَحْوَ ذَلِكَ مِنَ التَّعْلِيقِ بِالمَشِيئَةِ المُؤْذِنِ بِأنَّهُ لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلّا بِاللَّهِ ولا مَشِيئَةَ لِأحَدٍ مَعَهُ [قَوْلَهُ -]: ﴿وقُلْ عَسى أنْ يَهْدِيَنِي رَبِّي﴾ أيِ المُحْسِنُ إلَيَّ ﴿لأقْرَبَ﴾ أيْ إلى أشَدَّ قُرْبًا ﴿مِن هَذا﴾ أيِ الَّذِي عَزَمْتُ عَلى فِعْلٍ ونَسِيتُ الِاسْتِثْناءَ فِيهِ فَقَضاهُ اللَّهُ ولَمْ يُؤاخِذْنِي، أوْ فاتَنِي أوْ تَعَسَّرَ عَلَيَّ لِكَوْنِي لَمْ أقْرِنِ العَزْمَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ اللَّهِ ﴿رَشَدًا﴾ أيْ مِن جِهَةِ الرُّشْدِ بِأنْ يُوَفِّقَنِي لِلِاسْتِثْناءِ فِيهِ عِنْدَ العَزْمِ عَلَيْهِ مَعَ كَوْنِهِ أجْوَدَ أثَرًا وأجَلَّ عُنْصُرًا فَأكُونَ كُلَّ يَوْمٍ في تَرَقٍّ بِالأفْعالِ الصّالِحَةِ في مَعارِجِ القُدْسِ، و”أقْرَبْ“ أفْعَلُ تَفْضِيلٍ مِن قَرُبَ - بِضَمِّ الرّاءِ - مِنَ الشَّيْءِ، لازِمٌ، لا مِنَ المَكْسُورِ الرّاءِ المُتَعَدِّي نَحْوِ ﴿ولا تَقْرَبُوا الزِّنا﴾ [الإسراء: ٣٢] ﴿ولا تَقْرَبُوا مالَ اليَتِيمِ﴾ [الإسراء: ٣٤] الآيَةِ، والأقْرَبُ مِن رَشَدِ الِاسْتِدْلالِ بِقِصَّةِ أهْلِ الكَهْفِ الَّتِي الحَدِيثُ عَنْها عَلى صِحَّةِ نُبُوَّةِ النَّبِيِّ صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ ونَحْوِ ذَلِكَ، الِاسْتِدْلالُ عَلى وحْدانِيَّةِ الصّانِعِ وقُدْرَتِهِ عَلى البَعْثِ وغَيْرِهِ بِالأُمُورِ الكُلِّيَّةِ أوِ الجُزْئِيّاتِ القَرِيبَةِ المُتَكَرِّرَةِ، لا بِهَذا الأمْرِ الجُزْئِيِّ النّادِرِ المُتْعِبِ ونَحْوِ هَذا مِنَ المَعارِفِ الإلَهِيَّةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب