الباحث القرآني
ولَمّا كانُوا رُبَّما قالُوا: ما لَكَ لا تُحَدِّثُنا مِن هَذِهِ الكَلِماتِ بِكُلِّ ما نَسْألُكَ عَنْهُ حَيْثُما سَألْناكَ؟ وكانُوا قَدِ اسْتَنْكَرُوا كَوْنَ النَّبِيِّ بَشَرًا، وجَوَّزُوا كَوْنَ الإلَهِ حَجَرًا، وغَيَّوْا إيمانَهم بِهِ بِأُمُورٍ سَألُوهُ في الإتْيانِ بِها كَما تَقَدَّمَ بَعْدَ أوَّلِ مَسائِلِهِمْ، وهي الرُّوحُ آخِرَ ”سُبْحانَ“، وكانَ قَدْ ثَبَتَ بِإجابَتِهِمْ عَنِ المَسائِلِ عَلى هَذا الوَجْهِ أنَّهُ رَسُولٌ، أمَرَهُ سُبْحانَهُ أنْ يُجِيبَهم عَنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِما يَرُدُّ عَلَيْهِمْ غَلَطَهُمْ، ويَفْضَحُ شُبَهَهُمْ، إرْشادًا لَهم إلى أهَمِّ ما يَعْنِيهِمْ مِنَ الحَرْفِ الَّذِي النِّزاعُ كُلُّهُ دائِرٌ عَلَيْهِ وهو التَّوْحِيدُ فَقالَ: ﴿قُلْ إنَّما أنا﴾ أيْ في الِاسْتِمْدادِ بِالقُدْرَةِ عَلى إيجادِ المَعْدُومِ والإخْبارِ بِالمَغِيبِ ﴿بَشَرٌ مِثْلُكُمْ﴾ أيْ لا أمْرَ لِي ولا قُدْرَةَ إلّا عَلى ما يُقَدِّرُنِي عَلَيْهِ رَبِّي، ولا اسْتِبْعادَ لِرِسالَتِي مِنَ اللَّهِ فَإنَّ ذَلِكَ سُنَّتُهُ فِيمَن قَبْلِي ﴿يُوحى إلَيَّ﴾ [أيْ -] مِنَ اللَّهِ الَّذِي خَصَّنِي بِالرِّسالَةِ كَما أوْحى إلى الرُّسُلِ قَبْلِي ما لا غِنى لِأحَدٍ عَنْ عِلْمِهِ واعْتِقادِهِ ﴿أنَّما إلَهُكُمْ﴾ (p-١٥٤)وأشارَ إلى أنَّ إلَهِيَّتَهُ بِالإطْلاقِ لا بِالنَّظَرِ إلى جَعْلِ جاعِلٍ ولا غَيْرِ ذَلِكَ فَقالَ: ﴿إلَهٌ واحِدٌ﴾ أيْ لا يَنْقَسِمُ بِمُجانَسَةٍ ولا غَيْرِها، قادِرٌ عَلى ما يُرِيدُ، لا مُنازِعَ لَهُ، لَمْ يُؤَخِّرْ جَوابَ ما سَألْتُمُونِي عَنْهُ مِن عَجْزٍ ولا جَهْلٍ ولا هَوانٍ [بِي -] عَلَيْهِ - هَذا هو الَّذِي يَعْنِي كُلَّ أحَدٍ عِلْمُهُ، وأمّا ما سَألْتُمْ عَنْهُ مِن أمْرِ الرُّوحِ والقِصَّتَيْنِ تَعَنُّتًا فَأمْرٌ لَوْ جَهِلْتُمُوهُ ما ضَرَّكم جَهْلُهُ، وإنِ اتَّبَعْتُمُونِي عَلِمْتُمُوهُ الآنَ وما دَلَّ عَلَيْهِ مِن أمْرِ السّاعَةِ إيمانًا بِالغَيْبِ عِلْمَ اليَقِينِ، وعَلِمْتُمُوهُ بَعْدَ المَوْتِ بِالمُشاهَدَةِ عَيْنَ اليَقِينِ، وبِالمُباشَرَةِ حَقَّ اليَقِينِ، وإنْ لَمْ تَتَّبِعُونِي لَمْ يَنْفَعْكم عِلْمُهُ ﴿فَمَن﴾ أيْ فَتَسَبَّبَ عَنْ وحْدَتِهِ المُسْتَلْزِمَةِ لِقُدْرَتِهِ أنَّهُ مَن ﴿كانَ يَرْجُو﴾ أيْ يُؤْمِنُ بِمُجازاتِهِ لَهُ عَلى أعْمالِهِ في الآخِرَةِ بِرُؤْيَتِهِ وغَيْرِها، وإنَّما قالَ: ﴿لِقاءَ رَبِّهِ﴾ تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ هو المُحْسِنُ إلى كُلِّ أحَدٍ بِالتَّفَرُّدِ بِخَلْقِهِ ورِزْقِهِ، لا شَرِيكَ لَهُ في شَيْءٍ مِن ذَلِكَ عَلى قِياسِ ما نَعْلَمُهُ مِن أنَّهُ لا مالِكَ إلّا وهو قاهِرٌ لِمَمْلُوكِهِ عَلى لِقائِهِ، مُصَرِّفٌ لَهُ في أوامِرِهِ في صَباحِهِ ومَسائِهِ.
ولَمّا كانَ الجَزاءُ مِن جِنْسِ العَمَلِ، كانَ الواجِبُ عَلى العَبْدِ الإخْلاصَ في عَمَلِهِ، كَما كانَ عَمَلُ رَبِّهِ في تَرْبِيَتِهِ بِالإيجادِ وما بَعْدَهُ، فَقالَ: ﴿فَلْيَعْمَلْ﴾ وأكَّدَهُ لِلْإعْلامِ بِأنَّهُ لا بُدَّ مَعَ التَّصْدِيقِ مِنَ الإقْرارِ فَقالَ: ﴿عَمَلا﴾ أيْ ولَوْ كانَ قَلِيلًا ﴿صالِحًا﴾ وهو ما يَأْمُرُهُ بِهِ (p-١٥٥)مِن أُصُولِ الدِّينِ وفُرُوعِهِ مِنَ التَّوْحِيدِ وغَيْرِهِ مِن أعْمالِ القَلْبِ والبَدَنِ والمالِ لِيَسْلَمَ مِن عَذابِهِ ﴿ولا يُشْرِكْ﴾ أيْ ولْيَكُنْ ذَلِكَ العَمَلُ مَبْنِيًّا عَلى الأساسِ وهو أنْ لا يُشْرِكَ ولَوْ بِالرِّياءِ ﴿بِعِبادَةِ رَبِّهِ أحَدًا﴾ فَإذا عَمِلَ [ذَلِكَ -] فازَ فَحازَ عُلُومَ الدُّنْيا والآخِرَةِ، وقَدِ انْطَبَقَ آخِرُ السُّورَةِ عَلى أوَّلِها بِوَصْفِ كَلِماتِ اللَّهِ ثُمَّ ما يُوحِي إلَيْهِ، وكُلٌّ مِنهُما أعَمُّ مِنَ الكِتابِ بِالأقْوَمِيَّةِ لِلدُّعاءِ إلى الحالِ الأسْلَمِ، في الطَّرِيقِ الأقْوَمِ، وهو التَّوْحِيدُ عَنِ الشَّرِيكِ الأعَمِّ مِنَ الوَلَدِ وغَيْرِهِ، والإحْسانُ في العَمَلِ، مَعَ البِشارَةِ لِمَن آمَنَ، والنِّذارَةِ لِمَن أعْرَضَ عَنِ الآياتِ والذِّكْرِ، فَبانَ بِذَلِكَ أنَّ لِلَّهِ تَعالى - بِوَحْدانِيَّتِهِ وتَمامِ عِلْمِهِ وشُمُولِ قُدْرَتِهِ صِفاتِ - الكَمالِ، فَصَحَّ أنَّهُ المُسْتَحِقُّ لِجَمِيعِ الحَمْدِ - واللَّهُ المُوَفِّقُ، والحَمْدُ لِلَّهِ عَلى إتْمامِ سُورَةِ الكَهْفِ مِن كِتابِ نَظْمِ الدُّرَرِ مِن تَناسُبِ الآيِ والسُّوَرِ.
{"ayah":"قُلۡ إِنَّمَاۤ أَنَا۠ بَشَرࣱ مِّثۡلُكُمۡ یُوحَىٰۤ إِلَیَّ أَنَّمَاۤ إِلَـٰهُكُمۡ إِلَـٰهࣱ وَ ٰحِدࣱۖ فَمَن كَانَ یَرۡجُوا۟ لِقَاۤءَ رَبِّهِۦ فَلۡیَعۡمَلۡ عَمَلࣰا صَـٰلِحࣰا وَلَا یُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦۤ أَحَدَۢا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق