الباحث القرآني
ولَمّا ثَبَتَ أنَّ كِتابَ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ فِيما بَيْنَ مِصْرَ وبَيْتِ المَقْدِسِ في تِلْكَ المُدَّةِ المُتَطاوِلَةِ؛ هو هُدًى لِبَنِي إسْرائِيلَ؛ صادِقُ الوَعْدِ والوَعِيدِ فِيما قُضِيَ فِيهِ إلَيْهِمْ مِن أمْرِهم وأمْرِبَيْتِ المَقْدِسِ؛ مِن تَرْقِيَةِ حالِ مَن أطاعَهُ؛ وإعْلائِهِمْ؛ وأخْذِ مَن عاداهُمْ؛ ومِن تَعْكِيسِ أحْوالِ العُصاةِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرى بِتَسْلِيطِ الأعْداءِ عَلَيْهِمْ بِالقَتْلِ؛ والأسْرِ؛ (p-٣٨٠)والنَّهْبِ؛ وتَخْرِيبِ البِلادِ؛ تَنْبِيهًا عَلى أنَّ طاعَةَ اللَّهِ تَجْلِبُ كُلَّ خَيْرٍ وكَرامَةٍ؛ ومَعْصِيَتَهُ تُوجِبُ كُلُّ بَلِيَّةٍ؛ كَما كَشَفَ عَنْهُ الزَّمانُ عَلى ما هو مَعْرُوفٌ مِن تَوارِيخِ اليَهُودِ وغَيْرِها؛ لاحَ أنَّ القُرْآنَ يَزِيدُ عَلَيْهِ في كُلِّ مَعْنًى حَسَنٍ؛ وأمْرٍ شَرِيفٍ؛ فِيما أتى بِهِ مِنَ الوُعُودِ الصّادِقَةِ؛ والأحْكامِ المُحْكَمَةِ؛ والمَعانِي الفائِقَةِ في النُّظُومِ العَذْبَةِ الرّائِقَةِ؛ مَعَ الإعْجازِ عَنِ الإتْيانِ بِآيَةٍ مِن مِثْلِهِ لِجَمِيعِ الإنْسِ والجانِّ؛ بِنِسْبَةِ ما زادَ المَسِيرُ المُحَمَّدِيُّ إلى بَيْتِ المَقْدِسِ - الَّذِي أراهُ فِيهِ مِن آياتِهِ - عَلى المَسِيرِ المُوسَوِيِّ الَّذِي آتاهُ فِيهِ الكِتابَ؛ فَقالَ - في جَوابِ مَن كَأنَّهُ قالَ: قَدْ عُلِمَ أنَّ كِتابَ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - الَّذِي أُنْزِلَ في مَسِيرِهِ لِقَصْدِ مَحَلِّ المَسْجِدِ الأقْصى قَيِّمٌ في الهِدايَةِ والوُعُودِ الصّادِقَةِ؛ فَما حالُ كِتابِ مُحَمَّدٍ - صَلّى اللَّهُ عَلَيْهِ وعَلى آلِهِ وسَلَّمَ - الَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ مِنهُ في سَبَبِ مَسِيرِهِ إلَيْهِ في ذَلِكَ؟ -: ﴿إنَّ هَذا القُرْآنَ﴾؛ أيْ: الجامِعَ لِكُلِّ حَقٍّ؛ والفارِقَ بَيْنَ كُلِّ مُلْتَبِسٍ؛ ﴿يَهْدِي﴾
ولَمّا كانَ صاحِبُ الذَّوْقِ السَّلِيمِ يَجِدُ لِحَذْفِ المَوْصُوفِ هِزَّةً ورَوْعَةً؛ لِما يَجِدُ مِنَ الفَخامَةِ بِإبْهامِهِ؛ لا يَجِدُها عِنْدَ ذِكْرِهِ وإيضاحِهِ؛ قالَ: ﴿لِلَّتِي﴾ (p-٣٨١)أيْ: لِلطَّرائِقِ؛ والأحْوالِ؛ والسُّنَنِ الَّتِي ﴿هِيَ أقْوَمُ﴾؛ مِن كُلِّ طَرِيقَةٍ؛ وسُنَّةٍ؛ وحالٍ؛ دَعا إلَيْها كِتابٌ مِنَ الكُتُبِ السَّماوِيَّةِ؛ أمّا في الصُّورَةِ فَبِاعْتِبارِ ما عَلا بِهِ مِنَ البَيانِ؛ وأمّا في الوُعُودِ؛ فَبِاعْتِبارِ العُمُومِ لِجَمِيعِ الخَلْقِ في الدّارَيْنِ؛ وأمّا في الأُصُولِ فَبِتَصْرِيفِ الأمْثالِ؛ وتَقْرِيبِ الوَسائِلِ؛ وحَسْمِ مَوادِّ الشُّبَهِ؛ وإيضاحِ وُجُوهِ الدَّلائِلِ؛ وأمّا الفُرُوعُ فَبِاعْتِبارِ الأحْسَنِيَّةِ تارَةً في السُّهُولَةِ؛ والخِفَّةِ؛ وتارَةً في غَيْرِ ذَلِكَ - كَما هو واضِحٌ عِنْدَ مَن تَأمَّلَ ما بَيْنَ الأمْرَيْنِ.
ولَمّا انْقَسَمَ النّاسُ إلى مُهْتَدٍ بِهِ؛ وضالٍّ؛ أتْبَعَ - سُبْحانَهُ - ذَلِكَ بَيانَهُ؛ وكانَ التَّعْبِيرُ عَنْ حالِهِما بِالبُشْرى في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ويُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ﴾؛ أيْ: الرّاسِخِينَ في هَذا الوَصْفِ؛ ولِهَذا قَيَّدَهُمْ؛ بَيانًا لَهُمْ؛ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿الَّذِينَ﴾؛ يُصَدِّقُونَ إيمانَهم بِأنَّهم ﴿يَعْمَلُونَ﴾؛ أيْ: عَلى سَبِيلِ التَّجْدِيدِ؛ والِاسْتِمْرارِ؛ والبِناءِ عَلى العِلْمِ؛ ﴿الصّالِحاتِ﴾؛ مِنَ التَّقْوى؛ والإحْسانِ؛ ﴿أنَّ لَهُمْ﴾؛ أيْ: جَزاءً لَهُمْ؛ في ظاهِرِهِمْ؛ وبَواطِنِهِمْ؛ ﴿أجْرًا كَبِيرًا﴾؛ إشارَةً إلى صَلاحِ هَذِهِ الأُمَّةِ؛ وثَباتِهِمْ عَلى دِينِهِمْ؛ وأنَّهُ لا يَزالُ أمْرُهم ظاهِرًا؛ كَما كانَ إنْذارُ كِتابِ مُوسى - عَلَيْهِ السَّلامُ - قَوْمَهُ إشارَةً إلى إفْسادِهِمْ؛ وتَبْدِيلِهِمْ دِينَهم.
{"ayah":"إِنَّ هَـٰذَا ٱلۡقُرۡءَانَ یَهۡدِی لِلَّتِی هِیَ أَقۡوَمُ وَیُبَشِّرُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَ ٱلَّذِینَ یَعۡمَلُونَ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ أَنَّ لَهُمۡ أَجۡرࣰا كَبِیرࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











