الباحث القرآني

ولَمّا شَرَحَ إرادَتَهُمُ الفِتْنَةَ عَمّا جاءَهم مِنَ العِلْمِ؛ بِتَبْدِيلِ المُنَزَّلِ؛ وإخْراجِ المُرْسَلِ؛ وما تَبِعَ ذَلِكَ؛ حَتّى خَتَمَ بِتَجْهِيلِهِمْ؛ إذْ سَألُوا تَعَنُّتًا عَنِ الرُّوحِ الحِسِّيِّ؛ وكانَ الأنْفَعُ لَهم سُؤالَهُمُ اسْتِفادَةً؛ وتَفَهُّمًا عَنْ دَقائِقِ الرُّوحِ المَعْنَوِيِّ؛ الَّذِي أعْظَمَ اللَّهُ شَرَفَهم بِهِ؛ بِإنْزالِهِ إلَيْهِمْ عَلى لِسانِ رَجُلٍ مِنهُمْ؛ هو أشْرَفُهم مَجْدًا؛ وأطْهَرُهم نَفْسًا؛ وأعْظَمُهم مَوْلِدًا؛ وأزْكاهم عُنْصُرًا؛ وأعْلاهم هِمَّةً؛ وخَتَمَ بِتَقْلِيلِ عِلْمِهِمْ؛ إشارَةً إلى أنَّهم لا يَفْهَمُونَ؛ إلّا أنْ يُفْهِمَهُمُوهُ - سُبْحانَهُ -؛ وهو أعْلَمُ بِما يَفْهَمُونَهُ؛ وما لا يَفْهَمُونَهُ؛ قالَ - عاطِفًا عَلى ”وإنْ كادُوا لَيَفْتِنُونَكَ“؛ تَنْبِيهًا لَهم عَلى أنَّهُ لَوْ شاءَ لَذَهَبَ بِسَبَبِ هَذا العِلْمِ القَلِيلِ؛ الَّذِي وهَبَهُمُوهُ؛ فَعَمَّهُمُ الجَهْلُ؛ كَما كانُوا؛ وعَلى أنَّهُ لَمْ يَكْفِهِمْ تَرْكُ السُّؤالِ عَمّا يُعْنِيهِمْ؛ حَتّى سَألُوا عَمّا لا يُعْنِيهِمْ؛ وأرادُوا تَبْدِيلَ ما يَنْفَعُهم ويُعْنِيهِمْ؛ بِما يُبِيدُهُمْ؛ ويُفْنِيهِمْ؛ فَضَلُّوا قَوْلًا وفِعْلًا -: ﴿ولَئِنْ شِئْنا﴾؛ ومَشِيئَتُنا لا يَتَعاظَمُها شَيْءٌ؛ ولامُهُ مُوَطِّئَةٌ لِلْقَسَمِ؛ وأجابَ عَنِ القَسَمِ بِما أغْنى عَنْ جَوابِ الشَّرْطِ؛ فَقالَ (تَعالى):﴿لَنَذْهَبَنَّ﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ ذَهابًا مُحَقَّقًا؛ ﴿بِالَّذِي أوْحَيْنا﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ ﴿إلَيْكَ﴾؛ مِمّا أرادُوا الفِتْنَةَ (p-٥٠٧)فِيهِ مِنَ القُرْآنِ؛ عَلى أنَّ فِيهِ مِنَ العِلْمِ ما يُغْنِيهِمْ - لَوْ أقْبَلُوا عَلى تَفَهُّمِهِ - عَنْ شَيْءٍ مِنَ الأشْياءِ؛ فَلا تَبْقى عِنْدَكَ نَحْنُ؛ ولا وحْيُنا؛ ولِإفادَةِ هَذا لَمْ يَقُلْ: ”لَأذْهَبْنا“؛ ﴿ثُمَّ﴾؛ أيْ: بَعْدَ الذَّهابِ بِهِ؛ ﴿لا تَجِدُ لَكَ﴾؛ ولَمّا كانَ السِّياقُ هُنا لِلرُّوحِ؛ الَّذِي هو الوَحْيُ؛ فَكانَتِ العِنايَةُ بِهِ أشَدَّ؛ قَدَّمَ قَوْلَهُ: ﴿بِهِ﴾؛ ولَمّا كانَ السِّياقُ لِمَن يَأْخُذُ ما يُرِيدُ طَوْعًا وكَرْهًا؛ قالَ (تَعالى): ﴿عَلَيْنا﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ الَّتِي لا تُعارَضُ؛ ﴿وكِيلا﴾؛ يَأْتِيكَ بِهِ؛ أوْ بِشَيْءٍ مِنهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب