الباحث القرآني

ولَمّا كانَ القُرْآنُ؛ الَّذِي نَوَّهَ بِهِ في آيَةِ ”أقِمِ الصَّلاةَ“؛ هو السَّبَبَ الأعْظَمَ في إزْهاقِ الباطِلِ؛ الَّذِي هو - كالسِّحْرِ - خَيالٌ وتَمْوِيهٌ؛ وهو الجامِعُ لِجَمِيعِ ما مَضى مِنَ الإلَهِيّاتِ؛ والبَعْثِ؛ وما تَبِعَ ذَلِكَ؛ قالَ - عاطِفًا عَلى ”ولَقَدْ كَرَّمْنا“ -: ﴿ونُنَـزِّلُ﴾؛ أيْ: بِعَظَمَتِنا؛ ثُمَّ بَيَّنَ المُنَزَّلَ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿مِنَ القُرْآنِ﴾؛ أيْ: الجامِعِ؛ الفارِقِ؛ الَّذِي هو أحَقُّ الحَقِّ؛ ﴿ما هو شِفاءٌ﴾؛ لِلْقُلُوبِ؛ والأبْدانِ؛ ﴿ورَحْمَةٌ﴾؛ أيْ: إكْرامٌ؛ وقُوَّةٌ؛ ﴿لِلْمُؤْمِنِينَ﴾؛ أيْ: الرّاسِخِينَ في الإيمانِ؛ لِإنارَتِهِ لِقُلُوبِهِمْ مِن صَدَإ الجَهْلِ؛ وحَمْلِهِ لَهم عَلى سَبِيلِ الرُّشْدِ؛ الَّذِي هو سَبَبُ الرَّحْمَةِ؛ ولِحِراسَتِهِ لَهم مِن كُلِّ شَيْطانٍ؛ ومَرَضٍ؛ ومِحْنَةٍ؛ إذا وقَعَ الصِّدْقُ في الِاسْتِشْفاءِ بِهِ؛ هو كُلُّهُ كَذَلِكَ؛ وكَذا جَمِيعُ أبْعاضِهِ؛ قالَ الرّازِيُّ؛ في اللَّوامِعِ: وهو أُنْسُ المُحِبِّينَ؛ وسَلْوَةُ المُشْتاقِينَ؛ وإنَّهُ النُّورُ المُبِينُ؛ الَّذِي مَنِ (p-٤٩٨)اسْتَبْصَرَ بِهِ انْكَشَفَ لَهُ مِنَ الحَقائِقِ ما كانَ مَسْتُورًا؛ وانْطَوى عَنْهُ مِنَ البَوائِقِ ما كانَ مَنشُورًا؛ كَما أنَّ الباطِلَ داءٌ ونِقْمَةٌ لِلْكافِرِينَ؛ ”و“؛ مِن أعْجَبِ العَجَبِ أنَّ هَذا الشِّفاءَ ”لا يَزِيدُ الظّالِمِينَ“؛ أيْ: الرّاسِخِينَ في هَذا الوَصْفِ؛ وهُمُ الَّذِينَ يَضَعُونَ الشَّيْءَ في غَيْرِ مَوْضِعِهِ؛ بِإعْراضِهِمْ عَمّا يَجِبُ قَبُولُهُ؛ ﴿إلا خَسارًا﴾؛ أيْ: نُقْصانًا؛ لِأنَّهم إذا جاءَهُمْ؛ وقامَتْ بِهِ الحُجَّةُ عَلَيْهِمْ؛ أعْرَضُوا عَنْهُ؛ فَكانَ إعْراضُهم ذَلِكَ زِيادَةً في كُفْرانِهِمْ؛ كَما أنَّ قَبُولَ المُؤْمِنِينَ لَهُ؛ وإقْبالَهم عَلى تَدَبُّرِهِ؛ زِيادَةٌ في إيمانِهِمْ؛ وفي الدّارِمِيِّ عَنْ قَتادَةَ قالَ: ”ما جالَسَ القُرْآنَ أحَدٌ؛ فَقامَ عَنْهُ إلّا بِزِيادَةٍ؛ أوْ نُقْصانٍ“؛ ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب