الباحث القرآني

﴿إذًا﴾؛ أيْ: لَوْ قارَبْتَ الرُّكُونَ المَوْصُوفَ إلَيْهِمْ؛ ﴿لأذَقْناكَ﴾؛ أيْ: بِعَظَمَتِنا؛ ﴿ضِعْفَ﴾؛ عَذابِ؛ ﴿الحَياةِ وضِعْفَ﴾؛ عَذابِ؛ ﴿المَماتِ﴾؛ أيْ: ذَلِكَ العَذابَ مُضاعَفًا. وهَذِهِ المادَّةُ تَدُورُ عَلى الوَهْيِ؛ ويَلْزَمُهُ التَّقْوِيَةُ بِالضِّعْفِ؛ بِكَسْرِ الضّادِ؛ أيْ: المِثْلِ؛ وما زادَ؛ وكُلُّ شَيْءٍ لَهُ مُكاثِرٌ فَهو ضَعِيفٌ بِدُونِهِ؛ (p-٤٨٨)ويَلْزَمُ الضِّعْفَ؛ الَّذِي هو المِثْلُ المَضْمُومُ إلى مِثْلِهِ؛ القُوَّةُ؛ فَمِنَ الوَهْيِ: ”الضَّعْفُ“؛ و”الضُّعْفُ“؛ بِالفَتْحِ؛ والضَّمِّ؛ وهو خِلافُ القُوَّةِ؛ وقِيلَ: ”الضَّعْفُ“؛ بِالفَتْحِ؛ في العَقْلِ؛ والرَّأْيِ؛ وبِالضَّمِّ؛ في الجَسَدِ؛ و”الضَّعِيفُ“: الأعْمى؛ حِمْيَرِيَّةٌ؛ و”أرْضٌ مُضْعَفَةٌ“؛ لِلْمَفْعُولِ: أصابَها مَطَرٌ ضَعِيفٌ؛ و”ضِعْفُ الشَّيْءِ“؛ بِالكَسْرِ: مِثْلُهُ؛ لِأنَّ كُلَّ ما لَهُ مِثْلٌ فَهو ضَعِيفٌ؛ و”ضِعْفاهُ“: مِثْلاهُ؛ ويُقالُ: ”لَكَ ضِعْفُهُ“؛ أيْ: مِثْلاهُ؛ وثَلاثَةُ أمْثالِهِ؛ لِأنَّ أصْلَ الضِّعْفِ زِيادَةٌ غَيْرُ مَحْصُورَةٍ؛ و”ضاعَفْتُ الشَّيْءَ“؛ أيْ: ضَمَمْتُ إلى الشَّيْءِ شَيْئَيْنِ؛ فَصارَ ثَلاثَةً؛ و”أضْعافُ الكِتابِ“: أثْناءُ سُطُورِهِ؛ لِأنَّها أمْثالٌ لِلسُّطُورِ مِنَ البَياضِ؛ وزِيادَةٌ عَلَيْها؛ ومِنَ القُوَّةِ الَّتِي تَلْزَمُ المِثْلَ: ”أضْعافُ البَدَنِ“؛ وهي أعْضاؤُهُ؛ لِأنَّ غالِبَها مُثَنّى؛ أوْ هي عِظامُهُ؛ لِأنَّها أقْوى ما فِيهِ؛ ومِنَ الضَّعْفِ أيْضًا مَقْلُوبَةً الَّذِي هو ”ضَفَعَ“؛ إذا أحْدَثَ وضَرَطَ؛ وكَذا مَقْلُوبَةً ”فَضَعْ“؛ و”الضَّفْعُ“: نَجْوُ الفِيلِ؛ و”الضَّفْعانَةُ“: تَمْرَةُ السَّعْدانَةِ؛ ذاتُ الشَّوْكِ؛ مُسْتَدِيرَةٌ؛ كَأنَّها فَلَكَةٌ؛ فالمَعْنى - واللَّهُ أعْلَمُ -: أذَقْناكَ وهْيَ الحَياةِ؛ ووَهْيَ المَماتِ؛ مُضاعَفًا أضْعافًا كَثِيرَةً. ولَمّا كانَتِ القُوَّةُ بَعْدَ هَذا في غايَةِ البُعْدِ؛ عَبَّرَ بِأداةِ التَّراخِي؛ في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ﴾؛ أيْ: وإنْ كُنْتَ أعْظَمَ الخَلْقِ؛ وأعْلاهم هِمَّةً؛ (p-٤٨٩)﴿عَلَيْنا نَصِيرًا﴾؛ والآيَةُ دالَّةٌ عَلى أنَّ القَبِيحَ يَعْظُمُ قُبْحُهُ بِمِقْدارِ عَظِيمِ شَأْنِ مُرْتَكِبِهِ؛ وارْتِفاعِ مَنزِلَتِهِ؛ وعَلى أنَّ أدْنى مُداهَنَةٍ لِلْغُواةِ مُضادَّةٌ لِلَّهِ؛ وخُرُوجٌ عَنْ وِلايَتِهِ؛ فَعَلى مَن تَلاها أنْ يَتَدَبَّرَها؛ وأنْ يَسْتَشْعِرَ الخَشْيَةَ؛ وعَظِيمَ التَّصَلُّبِ في الدِّينِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب