الباحث القرآني

(p-٤٧٣)ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ: ”أعْرَضْتُمْ بَعْدَ إذْ أنْجاكُمْ؛ فَكَفَرْتُمْ بِذَلِكَ؛ وكانَ الكُفْرُ وصْفًا لَكم لازِمًا؛ فَتَسَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ أنَّكم أمِنتُمْ؛ أيْ: فَعَلْتُمْ بِذَلِكَ فِعْلَ الآمِنِ“؛ أنْكَرَ عَلَيْهِمْ هَذا الأمْرَ؛ لِكَوْنِهِ مِن أجْهَلِ الجَهْلِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿أفَأمِنتُمْ﴾؛ أيْ: أنَجَوْتُمْ مِنَ البَحْرِ؛ فَأمِنتُمْ بَعْدَ خُرُوجِكم مِنهُ؛ ”أنْ نَخْسِفَ“؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ ﴿بِكُمْ﴾؛ ودَلَّ عَلى شِدَّةِ إسْراعِهِمْ بِالكُفْرِ عِنْدَ وُصُولِهِمْ إلى أوَّلِ السّاحِلِ؛ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿جانِبَ البَرِّ﴾؛ أيْ: فَنُغَيِّبَكم فِيهِ؛ في أيِّ جانِبٍ كانَ مِنهُ؛ لِأنَّ قُدْرَتَنا عَلى التَّغْيِيبِ في التُّرابِ في جَمِيعِ الجَوانِبِ؛ كَقُدْرَتِنا عَلى التَّغْيِيبِ في الماءِ؛ سَواءٌ؛ فَعَلى العاقِلِ أنْ يَسْتَوِيَ خَوْفُهُ مِنَ اللَّهِ في جَمِيعِ الجَوانِبِ؛ ﴿أوْ﴾؛ أمِنتُمْ إنْ غَلُظَتْ أكْبادُكم عَنْ تَأمُّلِ مِثْلِ هَذا؛ أنْ ”نُرْسِلَ عَلَيْكُمْ“؛ مِن جِهَةِ الفَوْقِ؛ شَيْئًا مِن أمْرِنا؛ ﴿حاصِبًا﴾؛ أيْ: يَرْمِي بِالحَصْباءِ؛ أيْ: بِالحَصى الصِّغارِ؛ قالَهُ الرّازِيُّ في اللَّوامِعِ؛ وقالَ الرُّمّانِيُّ: حِجارَةٌ يُحْصَبُ بِها؛؛ أيْ: يَرْمِي بِها حَصَبَهُ؛ إذا رَماهُ رَمْيًا مُتَتابِعًا؛ انْتَهى. يَرْمِيكم (p-٤٧٤)ذَلِكَ الحاصِبُ في وُجُوهِكُمْ؛ أوْ فَوْقَ رُؤُوسِكم رَمْيًا يُهْلِكُ مِثْلُهُ؛ كَما وقَعَ لِقَوْمِ لُوطٍ أنا أرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِبًا؛ وقِيلَ: ”الحاصِبُ“: الرِّيحُ؛ ولَمْ يَقُلْ: ”حاصِبَةً“؛ لِأنَّهُ وصْفٌ لَزِمَها؛ ولَمْ يَكُنْ لَها؛ مُذَكَّرٌ تَنْتَقِلُ إلَيْهِ في حالٍ؛ فَكانَ بِمَنزِلَةِ ”حائِضٌ“؛ ﴿ثُمَّ لا تَجِدُوا﴾؛ أيُّها النّاسُ؛ ﴿لَكُمْ﴾؛ وأطْلَقَ لِيَعُمَّ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿وكِيلا﴾؛ يُنْجِيكم مِن ذَلِكَ؛ ولا مِن غَيْرِهِ؛ كَما لَمْ تَجِدُوا في البَحْرِ وكِيلًا غَيْرَهُ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب