الباحث القرآني

ثُمَّ فَسَّرَ ”الَّتِي هي أحْسَنُ“؛ مِمّا عَلَّمَهم رَبُّهم مِنَ النَّصَفَةِ؛ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿رَبُّكم أعْلَمُ بِكُمْ﴾؛ ثُمَّ اسْتَأْنَفَ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿إنْ يَشَأْ﴾؛ رَحْمَتَكُمْ؛ ﴿يَرْحَمْكُمْ﴾؛ بِأنْ يُيَسِّرَ لَكم أفْعالَ الخَيْرِ؛ ﴿أوْ إنْ يَشَأْ﴾؛ عَذابَكُمْ؛ ﴿يُعَذِّبْكُمْ﴾؛ بِأنْ يُيَسِّرَكم لِأفْعالِ الشَّرِّ؛ فَإذا قالُوا لَهم ذَلِكَ كانُوا جَدِيرِينَ بِأنْ يَعْرِضُوا - أوْ مَن أرادَ اللَّهُ مِنهم - أفْعالَهم عَلى ما يَعْلَمُونَهُ مِنَ الخَيْرِ؛ والشَّرِّ؛ فَيَنْظُرُوا أيُّهُما أقْرَبُ إلَيْها؛ ورُبَّما رَدَّهم ذَلِكَ مِن أنْفُسِهِمْ عَنِ الفَسادِ؛ لِحَسْمِ مادَّةِ العِنادِ؛ ويَجُوزُ - وهو - عِنْدِي أحْسَنُ - أنْ تَكُونَ الآيَةُ اسْتِئْنافًا واقِعًا مَوْقِعَ التَّعْلِيلِ لِلْأمْرِ بِقَوْلِ الأحْسَنِ؛ أيْ: ”رَبُّكُمْ“؛ أيُّها العِبادُ؛ ”أعْلَمُ بِكُمْ“؛ وبِما يَؤُولُ أمْرُكم إلَيْهِ؛ مِن سَعادَةٍ؛ وشَقاوَةٍ؛ ”إنْ يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ“؛ بِهِدايَتِكُمْ؛ ”أوْ إنْ يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ“؛ بِإضْلالِكُمْ؛ فَلا تَحْتَقِرُوا أيُّها المُؤْمِنُونَ المُشْرِكِينَ؛ فَتَقْطَعُوا بِأنَّهم مِن أهْلِ النّارِ؛ فَتُعَيِّرُوهم بِذَلِكَ؛ فَإنَّهُ يَجُرُّ إلى الإحَنِ؛ وحَرِّ الصُّدُورِ؛ وغَيْظِ القُلُوبِ؛ بِلا فائِدَةٍ؛ لِأنَّ الخاتِمَةَ (p-٤٤٣)مَجْهُولَةٌ؛ ولا تَتَجاوَزُوا فِيهِمْ ما آمُرُكم بِهِ؛ مِن قَوْلٍ؛ وفِعْلٍ؛ فَإنَّهُ الأحْسَنُ؛ ثُمَّ رَقّى الخِطابَ إلى أعْلى الخَلْقِ؛ ورَأْسِ أهْلِ الشَّرْعِ؛ لِيَكُونَ مَن دُونَهُ أوْلى بِالمَعْنى مِنهُ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿وما﴾؛ أيْ: فَما أرْسَلْناكَ إلّا لِلدُّعاءِ بِمِثْلِ ذَلِكَ؛ عَلى حَسَبِ ما نَأْمُرُكَ بِهِ؛ وما ﴿أرْسَلْناكَ﴾؛ أيْ: مَعَ ما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ الغَنِيَّةِ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ؛ ﴿عَلَيْهِمْ وكِيلا﴾؛ أيْ: حَفِيظًا؛ وكَفِيلًا لِغَيْرِهِمْ؛ عَلى ما يُرْضِي اللَّهَ؛ وإنَّما أرْسَلْناكَ بَشِيرًا؛ ونَذِيرًا؛ فَدارِهِمْ؛ وأْمُرْ أصْحابَكَ بِمُداراتِهِمْ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب