الباحث القرآني
ولَمّا كانَ ادِّعاؤُهم أنَّ المَلائِكَةَ بَناتُ اللَّهِ ادِّعاءً لِأنَّ لَهُ مُناسِبًا؛ ومُجانِسًا في أخَصِّ الصِّفاتِ؛ وهي الإلَهِيَّةُ؛ وكانَتْ عِبادَتُهم لَهم تَحْقِيقًا لِذَلِكَ؛ وكانَ ذَلِكَ أزْيَدُ مِن مُجَرَّدِ الشِّرْكِ في الجَهْلِ؛ ساقَهُ مَساقَ التَّقْرِيعِ؛ والتَّوْبِيخِ؛ تَنْبِيهًا عَلى ظُهُورِ فَسادِهِ؛ مُتَّصِلًا بِما مَضى مِنَ النَّهْيِ عَنِ الشِّرْكِ (p-٤١٩)بِالعَطْفِ بِفاءِ السَّبَبِ عَلى ”ما“؛ بَعْدَ الِاسْتِئْنافِ بِهَمْزَةِ الإنْكارِ؛ فَكانَ كَأنَّهُ قِيلَ: لا تَفْعَلْ ذَلِكَ كَما فَعَلَ هَؤُلاءِ الَّذِينَ أفْرَطُوا في الجَهْلِ؛ فَنَسَبُوا إلَيْهِ مِن خَلْقِهِ أدْنى الجُزْأيْنِ؛ كَما تَقَدَّمَ في ”النَّحْلِ“؛ في قَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ويَجْعَلُونَ لِلَّهِ البَناتِ﴾ [النحل: ٥٧]؛ ثُمَّ عَبَدُوا ذَلِكَ الجُزْءَ؛ وهم لا يَرْضَوْنَهُ لِأنْفُسِهِمْ؛ ثُمَّ التَفَتَ إلَيْهِمْ مُخاطِبًا بِما دَلَّ عَلى تَناهِي الغَضَبِ؛ فَقالَ: ﴿أفَأصْفاكم رَبُّكُمْ﴾؛ أيْ: أخَلَقَ المُحْسِنَ إلَيْكم بَنِينَ وبَناتٍ؛ فَأصْفاكم إحْسانًا إلَيْكُمْ؛ وأنْتُمْ تَكْفُرُونَ بِهِ؛ ﴿بِالبَنِينَ﴾؛ الَّذِينَ هم أفْضَلُ صِنْفَيِ الأوْلادِ؛ ”و“؛ لَمْ يُحْسِنْ إلى نَفْسِهِ بِأنْ شارَكَكم في البَنِينَ؛ بَلْ ”اتَّخَذَ“؛ عَبَّرَ بِالِافْتِعالِ؛ لِأنَّ مَن عَدَلَ إلى أحَدِ الصِّنْفَيْنِ؛ مَعَ التَّمَكُّنِ مِنَ الآخَرِ؛ لا يَكُونُ إلّا شَدِيدَ الرَّغْبَةِ فِيما عَدَلَ إلَيْهِ؛ ﴿مِنَ المَلائِكَةِ﴾؛ الَّذِينَ هم أقْرَبُ عِبادِهِ؛ أوْلادًا؛ ثُمَّ ما كَفاهُ نَقْصُ الوَلَدِيَّةِ ومُعالَجَةُ أسْبابِها؛ حَتّى جَعَلَ ما اتَّخَذَهُ ﴿إناثًا﴾؛ فَرَضِيَ لِنَفْسِهِ - وهو إلَهُكُمُ الخالِقُ الرّازِقُ - بِما لا تَرْضَوْنَهُ لِأنْفُسِكُمْ؛ ووَصَلْتُمْ في كَراهَتِهِ في بَعْضِ الحالاتِ إلى القَتْلِ؛ فَصارَ مُشارِكًا لَكم في البَناتِ؛ مُخَصِّصًا لَكم دُونَهُ بِالبَنِينَ؟ وذَلِكَ خِلافُ (p-٤٢٠)عادَتِكُمْ؛ فَإنَّ العَبِيدَ لا يُؤْثَرُونَ بِالأجْوَدِ؛ ويَكُونُ الأدْوَنُ لِلسّاداتِ؛ وعَبَّرَ أوَّلًا بِـ ”البَنِينَ“؛ دُونَ ”الذُّكُورِ“؛ لِأنَّ اسْمَ الِابْنِ ألَذُّ في السَّمْعِ؛ مُرْضٍ لِمَن بُشِّرَ بِهِ؛ مِن غَيْرِ نَظَرٍ في العاقِبَةِ؛ وقَدْ يَكُونُ أُنْثى الأفْعالِ؛ ولِأنَّ اسْمَ الذَّكَرِ مُشْتَرَكُ المَعْنى؛ وعَبَّرَ في الثّانِي بِالإناثِ؛ لِإفْهامِ الرَّخاوَةِ بِمَدْلُولِ اللَّفْظِ؛ ولِأنَّهُنَّ بَناتٌ بِالمُعادَلَةِ؛ ويُمْكِنُ أنْ تَنْزِلَ الآيَةُ عَلى الِاحْتِباكِ؛ فَيَكُونَ التَّقْدِيرُ: "بِالبَنِينَ؛ ورَضِيَ لِنَفْسِهِ بِالبَناتِ؛ وخَصَّكم في نَوْعِكُمُ الَّذِي هو أضْعَفُ ما يَكُونُ بِالذُّكُورِ؛ واتَّخَذَ مِنَ المَلائِكَةِ - الَّذِينَ مِنهم مَن يَقْدِرُ عَلى حَمْلِ الأرْضِ وقَلْبِ أسْفَلِها عَلى أعْلاها - إناثًا في غايَةِ الرَّخاوَةِ؛ ولِذَلِكَ اسْتَأْنَفَ الإنْكارَ عَلَيْهِمْ؛ مُعَظِّمًا لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿إنَّكم لَتَقُولُونَ﴾؛ وأكَّدَهُ؛ لِما لَهم مِنَ التَّهاوُنِ لَهُ؛ والِاجْتِراءِ عَلَيْهِ؛ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿قَوْلا﴾؛ وزادَ في ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿عَظِيمًا﴾؛ أيْ: في الجَهْلِ والإفْكِ؛ عَلَيْهِ وعَلى مَلائِكَتِهِ؛ الَّذِينَ لا يَعْصُونَهُ ما أمَرَهُمْ؛ ويَفْعَلُونَ ما يُؤْمَرُونَ؛ فَتُضِيفُونَ إلَيْهِ الأوْلادَ؛ وهم مِن خَصائِصِ الأجْسامِ؛ ثُمَّ تُفَضِّلُونَ أنْفُسَكم عَلَيْهِ؛ (p-٤٢١)فَتَجْعَلُونَ لَهُ ما تَكْرَهُونَ.
{"ayah":"أَفَأَصۡفَىٰكُمۡ رَبُّكُم بِٱلۡبَنِینَ وَٱتَّخَذَ مِنَ ٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةِ إِنَـٰثًاۚ إِنَّكُمۡ لَتَقُولُونَ قَوۡلًا عَظِیمࣰا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











