الباحث القرآني

ولَمّا كانَ التَّقْدِيرُ بِالكَيْلِ أوِ الوَزْنِ؛ مِن جُمْلَةِ الأماناتِ الخَفِيَّةِ؛ كالتَّصَرُّفِ لِلْيَتِيمِ؛ وكانَ الِائْتِمانُ عَلَيْهِ كالمَعْهُودِ فِيهِ؛ أتْبَعَهُ قَوْلَهُ: ﴿وأوْفُوا الكَيْلَ﴾؛ أيْ: نَفْسَهُ؛ فَإنَّهُ أمْرٌ مَحْسُوسٌ؛ لا يَقَعُ فِيهِ إلْباسٌ واشْتِباهٌ؛ ولَمّا كانَ صالِحًا لِمَن أعْطى؛ ومَن أخَذَ؛ قالَ: ﴿إذا كِلْتُمْ﴾؛ أيْ: لِغَيْرِكُمْ؛ فَإنِ اكْتَلْتُمْ لِأنْفُسِكُمْ؛ فَلا جُناحَ عَلَيْكم إنْ نَقَصْتُمْ عَنْ حَقِّكُمْ؛ ولَمْ تُوَفُّوا الكَيْلَ؛ ﴿وزِنُوا﴾؛ أيْ: وزْنًا مُتَلَبِّسًا ﴿بِالقِسْطاسِ﴾؛ أيْ: مِيزانِ العَدْلِ؛ الَّذِي هو أقْوَمُ المَوازِينِ؛ وزادَ في تَأْكِيدِ مَعْناهُ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿المُسْتَقِيمِ﴾ دُونَ شَيْءٍ مِنَ الحَيْفِ؛ عَلى ما مَضى في الكَيْلِ؛ سَواءً؛ ﴿ذَلِكَ﴾ (p-٤١٣)أيْ: الأمْرُ العالِي الرُّتْبَةِ؛ الَّذِي أمَرْناكم بِهِ؛ ﴿خَيْرٌ﴾؛ لَكم في الدُّنْيا؛ والآخِرَةِ؛ وإنْ تَراءى لَكم أنَّ غَيْرَهُ خَيْرٌ؛ ﴿وأحْسَنُ تَأْوِيلا﴾؛ أيْ: عاقِبَةً في الدّارَيْنِ؛ وهو ”تَفْعِيلٌ“ مِنَ الأوَّلِ؛ وهو الرُّجُوعُ؛ وأفْعَلُ التَّفْضِيلِ هُنا لِاسْتِعْمالِ النَّصَفَةِ؛ لِإرْخاءِ العِنانِ؛ أيْ: عَلى تَقْدِيرِ أنْ يَكُونَ في كُلٍّ مِنهُما خَيْرٌ؛ فَهَذا الَّذِي ذَكَرْناهُ أزْيَدُ خَيْرًا؛ والعاقِلُ لا يَنْبَغِي أنْ يَرْضى لِنَفْسِهِ بِالدُّونِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب