الباحث القرآني

ولَمّا أمَرَ بِما هو الأوْلى في حالَةِ الوِجْدانِ؛ أمَرَ بِمِثْلِ ذَلِكَ حالَةَ العَدَمِ؛ فَقالَ - مُؤَكِّدًا؛ تَنْبِيهًا عَلى أنَّهُ يَنْبَغِي أنْ يَكُونَ الإعْراضُ عَنْهم في حَيِّزِ الِاسْتِبْعادِ والِاسْتِنْكارِ -: ﴿وإمّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ﴾؛ أيْ: عَنْ جَمِيعِ مَن تَقَدَّمَ؛ مِمَّنْ أُمِرْتَ بِالبَذْلِ لَهُ؛ لِأمْرٍ اضْطَرَّكَ إلى ذَلِكَ؛ لا بُدَّ لَكَ مِنهُ؛ لِكَوْنِكَ لا تَجِدُ ما تُعْطِيهِ؛ فَأعْرَضْتَ حَياءً؛ لا لِإرادَةِ المَنعِ؛ بَلْ ﴿ابْتِغاءَ﴾؛ أيْ: طَلَبَ ﴿رَحْمَةٍ﴾؛ أيْ: إكْرامٍ؛ وسَعَةٍ؛ ﴿مِن رَبِّكَ﴾؛ الكَثِيرِ الإحْسانِ؛ ﴿تَرْجُوها﴾؛ فَإذا أتَتْكَ واسَيْتَهم فِيها؛ ﴿فَقُلْ لَهُمْ﴾؛ في حالَةِ الإعْراضِ؛ ﴿قَوْلا مَيْسُورًا﴾؛ أيْ: ذا يُسْرٍ؛ يَشْرَحُ صُدُورَهُمْ؛ ويَبْسُطُ رَجاءَهُمْ؛ لِأنَّ ذَلِكَ أقْرَبُ إلى طَرِيقِ المُتَّقِينَ؛ المُحْسِنِينَ؛ الَّذِينَ أنا (p-٤٠٧)مَعَهُمْ؛ قالَ أبُو حَيّانَ: ورُوِيَ أنَّهُ - عَلَيْهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ - كانَ بَعْدَ نُزُولِ هَذِهِ الآيَةِ إذا لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ ما يُعْطِي؛ وسُئِلَ؛ قالَ: ”يَرْزُقُنا اللَّهُ وإيّاكم مِن فَضْلِهِ“؛ انْتَهى. وقَدْ وضَعَ هُنا الِابْتِغاءَ مَوْضِعَ الفَقْرِ؛ لِأنَّهُ سَبَبُهُ؛ فَوَضَعَ المُسَبَّبَ مَوْضِعَ السَّبَبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب