الباحث القرآني

ولَمّا حَثَّ عَلى الإحْسانِ إلَيْهِما بِالخُصُوصِ؛ عَمَّ بِالأمْرِ بِهِ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ؛ وغَيْرِهِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿وآتِ ذا القُرْبى﴾؛ مِن جِهَةِ الأبِ؛ أوِ الأُمِّ؛ وإنْ بَعُدَ؛ ”حَقَّهُ و“؛ آتٍ؛ ”المِسْكِينَ“؛ وإنْ لَمْ يَكُنْ قَرِيبًا؛ ﴿وابْنَ السَّبِيلِ﴾؛ وهو المُسافِرُ المُنْقَطِعُ عَنْ مالِهِ؛ لِتَكُونَ مُتَّقِيًا مُحْسِنًا. ولَمّا رَغَّبَ في البَذْلِ؛ وكانَتِ النَّفْسُ قَلَّما يَكُونُ فِعْلُها قَوامًا بَيْنَ الإفْراطِ؛ والتَّفْرِيطِ؛ أتْبَعَ ذَلِكَ قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿ولا تُبَذِّرْ﴾؛ بِتَفْرِيقِ المالِ سَرَفًا؛ وهو بَذْلُهُ فِيما لا يَنْبَغِي؛ وفي قَوْلِهِ: ﴿تَبْذِيرًا﴾؛ تَنْبِيهٌ عَلى أنَّ الِارْتِقاءَ نَحْوَ ساحَةِ التَّبْذِيرِ أوْلى مِنَ الهُبُوطِ إلى مَضِيقِ الشُّحِّ والتَّقْتِيرِ؛ و”التَّبْذِيرُ“: بَسْطُ اليَدِ في المالِ عَلى حَسَبِ الهَوى جُزافًا؛ وأمّا الجُودُ فَبِمِقْدارٍ مَعْلُومٍ؛ لِأنَّهُ اتِّباعُ أمْرِ اللَّهِ في الحُقُوقِ المالِيَّةِ؛ ومِنها مَعْلُومٌ بِحَسَبِ القَدْرِ؛ ومِنها مَعْلُومٌ بِحَسَبِ الوَصْفِ؛ كَمُعاضَدَةِ أهْلِ المِلَّةِ؛ وشُكْرِ أهْلِ الإحْسانِ إلَيْكَ؛ ونَحْوِ ذَلِكَ؛ وقَدْ سُئِلَ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - عَنِ التَّبْذِيرِ؛ فَقالَ: إنْفاقُ المالِ مِن غَيْرِ حَقِّهِ؛ وعَنْ مُجاهِدٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لَوْ أنْفَقَ الإنْسانُ مالَهُ كُلَّهُ في الحَقِّ؛ ما كانَ تَبْذِيرًا؛ ولَوْ أنْفَقَ مُدًّا في باطِلٍ؛ كانَ تَبْذِيرًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب