الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا أمْرًا دَقِيقًا جِدًّا؛ أتْبَعَهُ ما هو أدَقُّ مِنهُ؛ وأغْرَبُ في القُدْرَةِ؛ والعِلْمِ؛ مِن تَفاصِيلِ أحْوالِ الآدَمِيِّينَ؛ بَلْ كُلِّ مُكَلِّفٍ؛ بَعْضُها مِن بَعْضٍ؛ مِن قَبْلِ أنْ يَخْلُقَهُمْ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿وكُلَّ إنْسانٍ﴾؛ أيْ: مَن في طَبْعِهِ التَّحَرُّكُ والِاضْطِرابُ؛ ﴿ألْزَمْناهُ﴾؛ أيْ: بِعَظَمَتِنا؛ ﴿طائِرَهُ﴾؛ أيْ: عَمَلَهُ الَّذِي قَدَّرْناهُ عَلَيْهِ؛ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ؛ ولَعَلَّهُ عَبَّرَ بِهِ (p-٣٨٧)لِأنَّهم كانُوا لا يُقْدِمُونَ؛ ولا يُحْجِمُونَ في المُهِمِّ مِن أعْمالِهِمْ؛ إلّا بِالطّائِرِ؛ فَيَقُولُونَ: جَرى لِفُلانٍ الطّائِرُ بِكَذا. ﴿فِي عُنُقِهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي مَحَلُّ الزَّيْنِ بِالقِلادَةِ ونَحْوِها؛ والشَّيْنِ بِالغَلِّ ونَحْوِهِ؛ إلْزامًا لا يَقْدِرُ أنْ يَنْفَكَّ عَنْ شَيْءٍ مِنهُ؛ كَما لا يَقْدِرُ عَلى الِانْفِكاكِ عَنِ العُنُقِ؛ وذَلِكَ كَما ألْزَمْنا بَنِي إسْرائِيلَ ما قَضَيْنا إلَيْهِمْ في الكِتابِ؛ فَكانَ كَما قُلْنا؛ وهم يَعْلَمُونَ أنَّهُ مِنَ السُّوءِ بِمَكانٍ؛ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلى الِاحْتِرازِ مِنهُ؛ والِانْفِصالِ عَنْهُ؛ فَلا يُمْكِنُ أنْ يَظْهَرَ في الأبَدِ إلّا ما قُضِيَ بِهِ في الأزَلِ: ”جَفَّ القَلَمُ بِما هو كائِنٌ“؛ ﴿ونُخْرِجُ﴾؛ أيْ: بِما لَنا مِنَ العَظَمَةِ؛ وشُمُولِ العِلْمِ؛ وتَمامِ القُدْرَةِ؛ ﴿لَهُ يَوْمَ القِيامَةِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لا بُدَّ مِن إيجادِهِ؛ ﴿كِتابًا﴾؛ بِجَمِيعِ ما عَمِلَ؛ ﴿يَلْقاهُ﴾؛ حالَ كَوْنِهِ ﴿مَنشُورًا﴾؛ تَكْتُبُهُ حَفَظَتُنا كُلَّ يَوْمٍ؛ ثُمَّ إذا صَعِدُوا قابَلُوا ما فِيهِ عَلى ما سَطَّرْناهُ قَدِيمًا في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ؛ فَيَجِدُونَهُ كَما هُوَ؛ لا خِلافَ فِيهِ أصْلًا؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب