الباحث القرآني

ولَمّا بَشَّرَهم بِما لَهم في أنْفُسِهِمْ؛ أتْبَعَهُ ما لَهم في أعْدائِهِمْ؛ فَقالَ (تَعالى): (p-٣٨٢)﴿وأنَّ﴾؛ أيْ: ويُبَشِّرُ المُؤْمِنِينَ أيْضًا بِأنَّ ﴿الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ﴾؛ أيْ: لا يَتَجَدَّدُ مِنهم إيمانٌ ﴿بِالآخِرَةِ﴾؛ حَقِيقَةً؛ أوْ مَجازًا؛ المُسَبَّبُ عَنْهُ أنَّهم لا يَعْمَلُونَ الصّالِحاتِ حَقِيقَةً؛ لِعَدَمِ مُباشَرَتِها؛ أوْ مَجازًا بِبِنائِها عَلى غَيْرِ أساسِ الإيمانِ؛ وعَبَّرَ بِالعَتادِ تَهَكُّمًا بِهِمْ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿أعْتَدْنا﴾؛ أيْ: أحْضَرْنا؛ وهَيَّأْنا ما هو في غايَةِ الطِّيبِ والنَّفاسَةِ والمُلاءَمَةِ؛ عَلى سَبِيلِ الوَعْدِ الصّادِقِ؛ الَّذِي لا يَتَخَلَّفُ بِوَجْهٍ؛ وهو مَعَ ذَلِكَ مَنظُورٌ إلَيْهِ؛ لِعَظَمَتِنا؛ ﴿لَهُمْ﴾؛ مِن عِنْدِنا؛ بِواسِطَةِ المُؤْمِنِينَ؛ أوْ بِلا واسِطَةٍ؛ ولَمّا اسْتَشْرَفَ الأعْداءُ إلى هَذا الوَعْدِ اسْتِشْرافَ المُغْتَبِطِ المَسْرُورِ؛ أتاهم في تَفْسِيرِهِ بِما خَلَعَ قُلُوبَهُمْ؛ عَلى طَرِيقَةِ ”تَحِيَّةُ بَيْنِهِمْ ضَرْبٌ وجِيعُ“؛ وسَرَّ قُلُوبَ الأوْلِياءِ سُرُورًا عَظِيمًا؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿عَذابًا ألِيمًا﴾؛ فَإنَّهُ لا بُشْرى لِذَوِي الهِمَمِ أعْلى ولا أسَرُّ مِنَ الِانْتِقامِ مِن مُخالِفِيهِمْ؛ فَصارَ فَضْلُ الكِتابِ عَلى الكِتابِ كَفَضْلِ الذَّهابِ عَلى الذَّهابِ؛ وحَذَفَ المُؤْمِنِينَ الَّذِينَ لا يَعْمَلُونَ الصّالِحاتِ لِتَمامِ البِشارَةِ بِالإشارَةِ إلى أنَّهم مِنَ القِلَّةِ في هَذِهِ الأُمَّةِ الشَّرِيفَةِ؛ بِحَيْثُ لا يَكادُونَ أنْ يُوجَدُوا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب