الباحث القرآني

ولَمّا كانَ هَذا خاصًّا بِالأيْمانِ؛ أتْبَعَهُ النَّهْيَ عَنِ الخِيانَةِ في عُمُومِ العَهْدِ تَأْكِيدًا بَعْدَ تَأْكِيدٍ؛ لِلدَّلالَةِ عَلى عَظِيمِ النَّقْضِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿ولا تَشْتَرُوا﴾؛ أيْ: تُكَلِّفُوا أنْفُسَكم لِجاجًا؛ وتَرْكًا لِلنَّظَرِ في (p-٢٤٧)العَواقِبِ أنْ تَأْخُذُوا؛ وتَسْتَبْدِلُوا؛ ﴿بِعَهْدِ اللَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الكَمالُ كُلُّهُ؛ ﴿ثَمَنًا قَلِيلا﴾؛ أيْ: مِن حُطامِ الدُّنْيا؛ وإنْ كُنْتُمْ تَرَوْنَهُ كَثِيرًا؛ ثُمَّ عَلَّلَ قِلَّتَهُ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿إنَّما عِنْدَ اللَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لَهُ الجَلالُ والإكْرامُ؛ مِن ثَوابِ الدّارَيْنِ؛ ﴿هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾؛ ولا يَعْدِلُ عَنِ الخَيْرِ إلى ما دُونَهُ إلّا لَجُوجٌ ناقِصُ العَقْلِ؛ ثُمَّ شَرَطَ عِلْمَ خَيْرِيَّتِهِ بِكَوْنِهِمْ مِن ذَوِي العِلْمِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿إنْ كُنْتُمْ﴾؛ أيْ: بِجِبِلّاتِكُمْ؛ ﴿تَعْلَمُونَ﴾؛ أيْ: مِمَّنْ يَتَجَدَّدُ لَهُ عِلْمٌ؛ ولَمْ تَكُونُوا في عِدادِ البَهائِمِ؛ فَصارَ العَهْدُ الشّامِلُ لِلْأيْمانِ مَبْدُوءًا في هَذِهِ الآياتِ بِالأمْرِ بِالوَفاءِ بِهِ؛ ومَخْتُومًا بِالنَّهْيِ عَنْ نَقْضِهِ؛ والأيْمانُ الَّتِي هي أخَصُّ مِنهُ وسَطٌ بَيْنَ الأمْرِ؛ والنَّهْيِ؛ المُتَعَلِّقَيْنِ بِهِ؛ فَصارَ الحَثُّ عَلَيْها عَلى غايَةٍ مِنَ التَّأْكِيدِ عَظِيمَةٍ؛ ورُتْبَةٍ مِنَ التَّوْثِيقِ جَلِيلَةٍ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب