الباحث القرآني

ولَمّا كانَ مِن أجَلِّ المَقاصِدِ بِهَذِهِ الأسالِيبِ التَّخْوِيفُ مِنَ البَعْثِ؛ وكانَ مِنَ المَعْلُومِ أنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ الإعْراضِ عَنِ البَيانِ؛ والإصْرارِ عَلى كُفْرانِ المَعْرُوفِ مِنَ الإحْسانِ؛ إلّا المُجازاةُ؛ لِأنَّ الحَكِيمَ يُمْهِلُ؛ ولا يُهْمِلُ؛ (p-٢٢٩)قالَ (تَعالى) - عاطِفًا عَلى ثَمَرَةِ ”فَإنَّما عَلَيْكَ البَلاغُ المُبِينُ“؛ وهِيَ: فَبَلِّغْهُمْ؛ وبَيِّنْ لَهُمْ؛ ولا تَيْأسْ مِن رُجُوعِهِمْ -:﴿ويَوْمَ﴾؛ أيْ: وخَوِّفْهم يَوْمَ ﴿نَبْعَثُ﴾؛ بَعْدَ البَعْثِ؛ ﴿مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا﴾؛ يَحْكُمُ بِقَوْلِهِ المَلِكُ إجْراءً لِلْأمْرِ عَلى ما يَتَعارَفُونَ؛ وإنْ كانَ غَنِيًّا عَنْ شَهِيدٍ؛ ولَمّا كانَ الإذْنُ لَهم في الِاعْتِذارِ في بَعْضِ المَواقِفِ الطَّوِيلَةِ في ذَلِكَ اليَوْمِ مُتَعَذِّرًا؛ عَبَّرَ عَنْهُ - سُبْحانَهُ - بِأداةِ البُعْدِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿ثُمَّ لا يُؤْذَنُ﴾؛ أيْ: لا يَقَعُ إذْنٌ؛ عَلى تَقْدِيرٍ مِنَ التَّقادِيرِ؛ ﴿لِلَّذِينَ كَفَرُوا﴾؛ أيْ: بَعْدَ شَهادَةِ الشُّهَداءِ؛ في الِاعْتِذارِ؛ كَما يُؤْذَنُ في هَذِهِ الدّارِ لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ عِنْدَ السُّؤالِ في الإعْذارِ؛ لِأنَّهُ لا عُذْرَ هُناكَ في الحَقِيقَةِ؛ ﴿ولا هُمْ﴾؛ أيْ: خاصَّةً؛ ﴿يُسْتَعْتَبُونَ﴾؛ أيْ: ولا يُطْلَبُ مِنهُمُ الإعْتابُ المُؤْثِرُ لِلرِّضا؛ وهو إزالَةُ العَتْبِ؛ وهو المَوْجِدَةُ؛ المُعَبَّرُ بِها عَنِ الغَضَبِ؛ المُعَبَّرِ بِهِ عَنْ آثارِهِ مِنَ السَّطْوَةِ والِانْتِقامِ؛ وأخْذِ العَذابِ لِأهْلِ الإجْرامِ؛ مِن قَبِيحِ ما ارْتَكَبُوا؛ لِأنَّ تِلْكَ الدّارَ لَيْسَتْ بِدارِ تَكْلِيفٍ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب