الباحث القرآني

ولَمّا كانَ ما تَقَدَّمَ أمارَةً عَلى كَراهَتِهِمْ لِما نَسَبُوهُ إلى اللَّهِ (تَعالى)؛ أتْبَعَهُ التَّصْرِيحَ بَعْدَ التَّلْوِيحِ؛ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿ويَجْعَلُونَ لِلَّهِ﴾؛ أيْ: وهو المَلِكُ الأعْظَمُ؛ ﴿ما يَكْرَهُونَ﴾؛ أيْ: لِأنْفُسِهِمْ؛ مِنَ البَناتِ؛ والأمْوالِ؛ والشُّرَكاءِ في الرِّئاسَةِ؛ ومِنَ الِاسْتِخْفافِ بِرُسُلِهِمْ؛ وجُنُودِهِمْ؛ والتَّهاوُنِ بِرِسالاتِهِمْ؛ ثُمَّ وصَفَ جَراءَتَهم مَعَ ذَلِكَ؛ الكائِنَةَ في مَحَلِّ الخَوْفِ؛ المُقْتَضِيَةِ لِعَدَمِ التَّأمُّلِ اللّازِمِ لِعَدَمِ العَقْلِ؛ فَقالَ: ﴿وتَصِفُ﴾؛ أيْ: تَقُولُ مُعْتَقِدَةً مَعَ القَوْلِ الصَّفاءَ؛ ولَمّا كانَ قَوْلًا لا حَقِيقَةَ لَهُ بِوَجْهٍ؛ أسْنَدَهُ إلى اللِّسانِ؛ فَقالَ: ﴿ألْسِنَتُهُمُ﴾؛ أيْ: مَعَ ذَلِكَ؛ مَعَ أنَّهُ قَوْلٌ لا يَنْبَغِي أنْ يَتَخَيَّلَهُ عاقِلٌ؛ ﴿الكَذِبَ﴾؛ ثُمَّ بَيَّنَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿أنَّ لَهُمُ الحُسْنى﴾؛ أيْ: عِنْدَهُ؛ ولا جَهْلَ أعْظَمُ؛ ولا حُكْمَ أسْوَأُ مِن أنْ تَقْطَعَ بِأنَّ مَن تَجْعَلُ لَهُ ما تَكْرَهُ يَجْعَلُ لَكَ ما تُحِبُّ؛ فَكَأنَّهُ قِيلَ: فَما لَهم (p-١٨٩)عِنْدَهُ؟ فَقِيلَ: ﴿لا جَرَمَ﴾؛ أيْ: لا ظَنَّ؛ ولا تَرَدُّدَ في ﴿أنَّ لَهُمُ النّارَ﴾؛ الَّتِي هي جَزاءُ الظّالِمِينَ؛ ﴿وأنَّهم مُفْرَطُونَ﴾؛ أيْ: مُقَدَّمُونَ؛ مُعَجَّلُونَ إلَيْها؛ بِتَقْدِيمِ مَن يَسُوقُهم وإعْجالِهِ لَهُمْ؛ وقالَ الرُّمّانِيُّ: مَتْرُوكُونَ فِيها؛ مِن قَوْلِ العَرَبِ: ”ما أفْرَطْتُ ورائِي أحَدًا“؛ أيْ: ما خَلَّفْتُ؛ ولا تَرَكْتُ؛ وقَرَأ نافِعٌ بِالتَّخْفِيفِ والكَسْرِ؛ أيْ: مُبالِغُونَ في الإسْرافِ؛ والجَراءَةِ عَلى اللَّهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب