الباحث القرآني

﴿ولَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ﴾؛ أيْ: المَلِكُ الأعْظَمُ؛ الَّذِي لَهُ صِفاتُ الكَمالِ؛ ﴿النّاسَ﴾؛ كُلَّهُمْ؛ ولَمّا كانَ السِّياقُ لِلْحِكْمَةِ؛ وكانَ الظُّلْمُ - الَّذِي هو إيقاعُ الشَّيْءِ في غَيْرِ مَوْقِعِهِ - شَدِيدَ المُنافاةِ لَها؛ وكانَ الشِّرْكُ - الَّذِي هَذا سِياقُهُ - (p-١٨٧)أظْلَمَ الظُّلْمِ؛ قالَ - مُعَبِّرًا بِالوَصْفِ الشّامِلِ لِما وقَعَ مِنهم مِنهُ بِالفِعْلِ؛ ولِما هم مُنْطَوُونَ عَلَيْهِ؛ وهو وصْفٌ لَهُمْ؛ ولَمْ يُباشِرُوهُ إلى الآنَ بِالفِعْلِ؛ قالَ -: ﴿بِظُلْمِهِمْ﴾؛ أيْ: يُعامِلُهم مُعامَلَةَ النّاظِرِ لِخَصْمِهِ؛ المَعامِلِ لَهُ بِمَحْضِ العَدْلِ؛ مِن غَيْرِ نَظَرٍ إلى الفَضْلِ؛ وعَبَّرَ بِصِيغَةِ المُفاعَلَةِ؛ لِأنَّ دَلالَتَها عَلى المُناقَشَةِ أبْلَغُ؛ ﴿ما تَرَكَ﴾؛ ولَمّا اقْتَضى الحالُ ذِكْرَ الظُّلْمِ؛ وكانَ سِياقُ هَذِهِ الآيَةِ أغْلَظَ مِن سِياقِ ”فاطِرٍ“؛ عَبَّرَ بِما يَشْمَلُ كُلَّ مَحْمُولِ الأرْضِ؛ سَواءٌ كانَ عَلى الظَّهْرِ؛ أوْ في البَطْنِ؛ مَغْمُورًا بِالماءِ؛ أوْ لا؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿عَلَيْها﴾؛ أيْ: الأرْضِ؛ المَعْلُومِ أنَّها مُسْتَقَرُّهُمُ؛ المَدْلُولُ عَلَيْها بِالتُّرابِ؛ وأعْرَقَ في النَّفْيِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿مِن دابَّةٍ﴾؛ أيْ: نَفْسٍ تَدِبُّ عَلى وجْهِ الأرْضِ؛ لِأنَّ الكُلَّ إمّا ظالِمٌ يُعاقَبُ بِظُلْمِهِ؛ وإمّا مِن مَصالِحِ الظّالِمِ؛ فَيُهْلِكُهُ عُقُوبَةً لِلظّالِمِ؛ أوْ لِأنَّهُ ما خَلَقَهم إلّا لِلْبَشَرِ؛ فَإذا أهْلَكَهُمْ؛ أهْلَكَهُمْ؛ كَما وقَعَ قَرِيبٌ مِنهُ في زَمَنِ نُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلامُ -؛ ﴿ولَكِنْ﴾؛ لا يَفْعَلُ بِهِمْ ذَلِكَ؛ فَهو ﴿يُؤَخِّرُهُمْ﴾؛ إمْهالًا بِحِكْمَتِهِ؛ وحِلْمِهِ؛ ﴿إلى أجَلٍ مُسَمًّى﴾؛ ضَرَبَهُ لَهم في الأزَلِ. (p-١٨٨)ولَمّا قَطَعَ العِلْمَ بِالغايَةِ عَمّا يَكُونُ؛ سَبَّبَ عَنْ ذَلِكَ الإعْلامِ بِما يَكُونُ فِيهِ؛ فَقالَ: ﴿فَإذا جاءَ أجَلُهُمْ﴾؛ الَّذِي حَكَمَ بِأخْذِهِمْ عِنْدَهُ؛ ﴿لا يَسْتَأْخِرُونَ﴾؛ أيْ: عَنْهُ؛ ﴿ساعَةً﴾؛ أيْ: وقْتًا هو عامُّ التَّعارُفِ بَيْنَكُمْ؛ ثُمَّ عَطَفَ عَلى جُمْلَةِ الشَّرْطِ مِن أوَّلِها قَوْلَهُ (تَعالى): ﴿ولا يَسْتَقْدِمُونَ﴾؛ أيْ: عَنِ الأجَلِ شَيْئًا.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب