الباحث القرآني

ولَمّا بَيَّنَ سَفَهَهم في صَرْفِهِمْ مِمّا آتاهم إلى ما هو في عِدادِ العَدَمِ؛ الَّذِي لا يُعْلَمُ؛ بَيَّنَ لَهم سَفَهًا هو أعْظَمُ مِن ذَلِكَ؛ بِجَعْلِهِمْ لِمالِكِ المُلْكِ؛ ومَلِكِهِ؛ أحْقَرَ ما يُعِدُّونَهُ مِمّا أوْجَدَهُ لَهُمْ؛ لِافْتِقارِهِمْ إلَيْهِ؛ وغِناهُ عَنْهُ؛ عَلى وجْهِ (p-١٨٣)التَّوالُدِ المُسْتَحِيلِ عَلَيْهِ؛ مَعَ كَراهَتِهِ لِأنْفُسِهِمْ؛ فَصارَ ذَلِكَ أعْجَبَ العَجَبِ؛ فَقالَ (تَعالى): ﴿ويَجْعَلُونَ لِلَّهِ﴾؛ أيْ: الَّذِي لا مَعْلُومَ عَلى الحَقِيقَةِ سِواهُ؛ لِاسْتِجْماعِهِ لِصِفاتِ الجَلالِ والإكْرامِ؛ ولَمّا كانَ المُرادُ تَقْرِيعَهُمْ؛ وكانَتِ الأُنُوثَةُ رُبَّما أُطْلِقَتْ عَلى كَرائِمِ الأشْجارِ؛ نَصَّ عَلى المُرادِ بِقَوْلِهِ: ﴿البَناتِ﴾؛ فَلا أعْجَبَ مِنهُمْ؛ حَيْثُ يَجْعَلُونَ الوُجُودَ لِلْمَعْدُومِ المَجْهُولِ؛ ويَجْعَلُونَ العَدَمَ لِلْمَوْجُودِ المَعْلُومِ؛ ثُمَّ نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ ذَلِكَ؛ مُعَجِّبًا مِن وُقُوعِهِ مِن عاقِلٍ؛ بِقَوْلِهِ (تَعالى): ﴿سُبْحانَهُ﴾ ولَمّا ذَكَرَ ما جَعَلُوا لَهُ؛ مَعَ الغِنى المُطْلَقِ؛ بَيَّنَ ما نَسَبُوا لِأنْفُسِهِمْ؛ مَعَ لُزُومِ الحاجَةِ؛ والضَّعْفِ؛ فَقالَ: ﴿ولَهم ما يَشْتَهُونَ﴾؛ مِنَ البَنِينَ؛ وذَلِكَ في جُمْلَةٍ اسْمِيَّةٍ؛ مَدْلُولُها الثَّباتُ؛ لِيَكُونَ مُنادِيًا عَلَيْهِمْ بِالفَضِيحَةِ؛ لِأنَّهم لا يَبْقَوْنَ لِأبْنائِهِمْ؛ ولا يَبْقى أبْناؤُهم لَهُمْ؛ وقَدْ يَكُونُونَ أعْدى أعْدائِهِمْ؛
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب